تخرج الكلمات من منفى إلى منفى، تخرج من المجهول إلى المعلوم، من المتخيل إلى المقروء، لكنها لا تخرج أبدا عن سياق المنافي، ولا تقع مقل رائحة قهوة ساخنة في صباح شتوي إلا على صدر من يزدردها ويكاد يغص بها كأنها غصص أمهات صارت ذمما في خفارة الأولاد.
بين المبنى والمعنى تضيع حقوق الكلام إذا تشرذم في المنافي ففي المنفى لا يوجد مبنى يقيه حيلون الشتاء ولا عجاج الصيف، ولا يوجد معنى يعيض روح الكلام عن جسد المبنى.
معنى الكلام صار حكاية تحكى في ديوان المظالم من زمان، أيام كانت الكلمة بحساب، أما مبنى الكلام الذي تحول إلى أطلال يعوي فيها الحبر ولا يسمعه الورق، فصار رواية يرويها الشعر للنثر جالسين على طبق البارود الخامد، ويتحدثان بلا كلمات لأن الكلمة بألف حساب.
من منفى إلى منفى تخرجين يا أرواح الذاكرة يا الكلمات المخبوءة مثل رائحة قهوة شتوية في الصدور، ومن مبنى قبع في زاوية حادة في الذاكرة، إلى معنى يبحث عن زاوية منفرجة ليخرج الشوكة من الخاصرة تخرجين يا كلمات، يا رفيقات درب الشاعر بين المنافي.
عقبة الخلوف الحسن