كان أهالي المنطقة الشرقية يستخدمون بعض المواد التي كانت تعيض عن المنظفات الكيميائية في وقتنا الحالي، والتي استخدمت لسنوات طويلة في النظافة، وهي الجلو والشنان والتي كانت تستعمل حتى السبعينيات من القرن الماضي، حيث كانت صناعة الصابون في بداياتها.
الجلو أو ما يسمى القلى بلهجة أهل مدينة دير الزور، هو المستخدم من نبات الشنان البري الرطب بأن يجمع ويحرق، حتى يكون الناتج يشبه حجر الرحى، وأجوده البرّاق الصافي المسمى القوف، يليه الممزوج بـالرمرام والرمث، وهو حار محرق، يستخدم في بعض الأحيان باستخدامات في الطب البديل، فهو يأكل اللحم الزائد والثأليل والباسور ويزيل البهق والبرص ويستخدم في ازالة بياض العين من الحيوانات، وهو مادة سامة إذا تم تناوله عن طريق الفم، يدخل في صناعة الزجاج والصابون كمادة قلوية تعطي رغوة بيضاء، لكن في الثمانينيات من القرن العشرين استغنى عنه أصحاب المصابن في حلب لاستيراد مواد كيميائية تغني عن القلى وبأسعار تنافسية، مثل زيت البلم والصود الكاوي والكوستك السودا، أما من يقوم بصناعة مادة القلى قديماً فقد اختص به أهل منطقة السخنة التابعة لمدينة تدمر، فالشنان متوافر بكثرة في باديتهم فهم يصنعون منه القلى ويتاجرون به في كافة مناطق سورية، وفي المحافظات الشرقية في المدينة والريف وعند البدو، يغسلون به الملابس وأواني الطبخ، حيث لم يكن الصابون والمنظفات قد احتلت مكانتها التي هي عليها اليوم، ولا يمكن أن يغسل به الرأس والجسم، لما يحتويه من مواد قلوية تؤثر على الشعر ويخرش الجلد.
أطلق على الجلو والشنان اسم صابون العرب لأن هاتين المادتين هما الوحيدتان المستخدمتان في التنظيف والغسيل بالنسبة للثياب وأدوات الطعام ، حتى انتشار الصابون والمنظفات في الفترة الأخيرة
وعن بعض الاستخدامات الأخرى للجلو يستعمل في الريف والبادية استعمالات أخرى، فإذا قاموا بصناعة الخيطان من الصوف لنسج السدو أو السدوة المستخدمة في صناعة بسط الصوف، فإنهم يصبغونها بالصباغ الأسود ويضعون معه القلى، وعند تحضير جلد الذبيحة لحفظ السمن العربي وصناعة (الشجوة) وهي إناء من جلد الخروف المعدة لتجهيز الزبدة فإنهم يضيفون إلى الدباغ المصنوع من قشر الرمان تلك المادة.
من المواد أيضاً الشنان، هو نبات بري ينبت في البادية، لا يحتاج إلى ماء كثير، يسمى عند العرب أبو حلسا، أطلقت العرب اسم اشنان داوود على الزوفا واشنان القصارين على العصفر واشنان الأسنان على اليارزد، ينبت في البادية السورية في مدينة تدمر بمنطقة السخنة بكثرة وفيرة ويكون على الحدود الشرقية المتاخمة للعراق حتى الجزيرة السورية، وهو ذو سيقان صغيرة يعيش حتى في أيام المحل وانقطاع الماء.
كان أهل البادية والريف والمدينة يغسلون به أجسامهم قبل انتشار صناعة الصابون والمنظفات كما هو عليه الآن، فالغني والفقير يغسلان به لكثرة وجوده وسعره المنخفض، والطريقة أن يوضع ضمن قطع من القماش الناعم وتربط ويغلى مع الماء ويغسل بمائه وهو اليوم مرافق للأدوية الجلدية، فجميع الأكزيما التي تصيب الإنسان يلعب الشنان دوراً في التخفيف من شدة هيجانها وهو مساعد على الشفاء لكونه جلاء منقٍّ، وهو نافع ايضاً للشعر يغسل بمغلي مائه فيعطي الشعر نعومة ولمعاناً عجيباً، إذا كان الشعر مجعداً بشدة يستعمل الشنان في غسله لمدة شهرين فيجعل الشعر ناعماً وسبلاً.
الفرات