حفظت الأغاني الديرية للتراث الفراتي خصوصيته عن غيره، وقد جاءت هذه الأغاني متوافقة مع الغناء الشعبي في بلاد الشام بشكل عام، فتعددت موضوعاتها؛ فنجد أن كل لون من هذه الألوان الغنائية قد اختص بجانب معين من جوانب الحياة، فعَبَّر عن جميع المواقف والأحداث التي مرت على الناس، سواء في الأفراح أو الأحزان، ووصف النساء والتغزُّل بها، بالإضافة
إلى الخيل والحِلِي، كما تناول بعض ألوان الغناء الديري عِتاب الزمن لِمَا أنزل بهم من مصائب، وتناول بعضها مواضيع أخرى كالفخر بالعشيرة والأنساب، والفروسية، وعادات الترحيب والتهليل بالضيف، بالإضافة إلى الحماسة في المعارك وغيرها.
الخصائص الشعرية للغناء الديري:
- بساطة الكلمات وسهولتها، المستمدة من البيئة المحيطة، التي تتصف بالعمق في المعنى.
- الإيجاز في التعبير على الرغم من كثرة مجالاته.
- جاءت أشعاره سهلة النظم والارتجال، مما سهَّل حفظها وترديدها.
- استخدام الأوزان الشعرية الخفيفة، حيث جاءت تلك الأوزان في بحور الشعر البسيطة: كالهزج، مجزوء الوافر، البسط، وغيرها.
- استخدام المحسنات البديعية في الألوان الحرة الأداء كالعتابا وغيرها.
- استخدام ضرورات شعرية ولغوية خاصة مثل: التسكين، التطويل، الإدغام، التفخيم.
- الترابط القوي بين المعنى والمبنى في النصوص الشعرية.
الخصائص الموسيقية للغناء الديري:
- استخدام مقامات الموسيقى العربية الأساسية من
درجات مختلفة، ومنها البيات، السيكاه، وغيرها.
- لم تتجاوز المساحة الصوتية للألوان الغنائية الديرية مسافة الأوكتاف، وغالبيتها لم تتعدى مسافة الجنس الواحد.
- استخدام الإيقاعات المصاحبة البسيطة التركيب، والتي كانت غالباً في إيقاع الملفوف.
- استخدام الموازين الموسيقية البسيطة إلى جانب الأداء الحُر.
- استخدام التراكيب الإيقاعية الداخلية البسيطة في بناءها.
- السهولة والبساطة في الألحان التي تُعبر عن مضمون الكلمات.
السِّمات العامة للغناء الديري:
يعدّ الغناء الديري جزء مهم من الثقافة الشعبية، لِمَا له من خصائص تعطيه هوية فريدة ومحددة، إذا ما قُورن بالغناء المنتشر في مناطق جغرافية مختلفة، ويمكن تلخيص سمات هذا
الغناء الشعبي بألوانه المختلفة بما يلي:
- متعدد الألوان الغنائية.
- عمل على توثيق الكثير من الأحداث والأخبار التي وقعت في زمن لم يتوفر فيه غير هذا الفن كوسيلة للتعبير عنها.
- أساسه الصدق والعفوية، فالأغنية الشعبية تلبي حاجات
الإنسان ورغباته أكثر من الأغنية الفصيحة، لأنها أقرب إلى القلب بمضمونها ومعناها.
- يتناقلها الناس مشافهة من جيل إلى جيل.
- أغاني مناسبات تحمل أحاسيس المجتمع بكل صدق وبساطة في التعبير، وخفة الوزن، وعذوبة الألحان والكلمات.
- يعدّ أهم جزء من الثقافة الشَّعبية الديرية، فهو يُصوِّر مختلف جوانب الحياة، ويَرصد تاريخ الشعب، ويحوي على أرشيفه الحياتي، كما تضمن صورة عن تفكير الناس، حيث تناولَ
مختلف الموضوعات مثل: الفخر، الحماسة، الرثاء، الغزل، الشّكوى، والعتاب.
- يعتمد على الروح الجماعية في الأداء، إذ أنه يؤدى من خلال عدد من المغنين يتناوبون الغناء في السهرة الواحدة، كما أنه يُغنى من قِبل الجنسين رجالاً ونساءً).
- يعتمد بشكل أساسي على أدوات موسيقية بسيطة كالربابة والطبل والدف والمزمار والمطبق (المطبك أو المطبگ) والشاخولة.
- ترافقه الموسيقى والدبكات في غالبية ألوانه الغنائية.
10 . الطابع العام لمعظم ألوان الغناء الديري يقترب من الغناء العراقي، وآخر من الغناء التركي، من حيث اللهجة والبناء اللحني.
اسماعيل النجم