تُعَدُّ أعراض فقر الدم النفسية من الجوانب التي قد يغفل عنها الكثيرون عند الحديث عن هذا المرض الشائع. فبينما يتركز الاهتمام غالبًا على العوارض الجسدية مثل الشعور بالتعب والدوار، تظهر الأبحاث أن لفقر الدم تأثيرات نفسية ملموسة تؤثر على جودة حياة المصابين.
في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل العلاقة بين فقر الدم والاضطرابات النفسية، مع الإجابة على بعض الأسئلة الهامة مثل: هل يسبب فقر الدم الخوف والوسواس؟ كيف يشعر مريض فقر الدم من الناحية النفسية؟ وهل يمكن أن تؤدي الأنيميا إلى العصبية والانفعال الزائد؟ كما سنوضح كيفية التعامل مع هذه العوارض وتخفيف آثارها من خلال العلاج والتغذية السليمة.
يُعتبر فقر الدم من أكثر الحالات الطبية التي يمكن أن تؤثر على الجهاز العصبي والوظائف الدماغية. عندما تنخفض مستويات الهيموغلوبين، يقل إمداد الأكسجين للدماغ. ممّا يؤدّي إلى مواجهة اضطراب في وظائف الأعصاب والنواقل العصبية المسؤولة عن تنظيم المزاج والتفكير.
بحسب دراسة نُشرت في Psychiatry Research، وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بفقر الدم، وخاصة فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، لديهم مستويات أعلى من القلق والتوتر مقارنة بغيرهم. أوضحت الدراسة أن نقص الحديد قد يؤدي إلى اضطرابات في إنتاج الدوامين والسير وتونين. وهما من النواقل العصبية الأساسية التي تنظم العواطف والمزاج.
ومن المثير للاهتمام أن بعض المرضى المصابين بالوسواس القهري (OCD) أظهروا نقصًا ملحوظًا في مستويات الحديد، مما يشير إلى احتمال وجود ارتباط بين الحالتين. فعندما لا يحصل الدماغ على كميات كافية من الأكسجين والمواد المغذية، يمكن أن يصبح الشخص أكثر عرضةً للأفكار الو سواسية والسلوكيّات القهريّة.
إضافةً إلى العوارض الجسدية مثل الإرهاق المستمر وشحوب الوجه، يعاني مرضى فقر الدم من مجموعة من أعراض فقر الدم النفسية التي قد تتداخل مع حياتهم اليومية وتؤثر على إنتاجيتهم. من أبرز هذه العلامات:
التعب الذهني وصعوبة التركيز :يعاني المصابون بفقر الدم من الإرهاق العقلي المستمر، حيث يجدون صعوبة في التفكير بوضوح واتخاذ القرارات. مما يؤثر على أدائهم في العمل أو الدراسة.
القلق والتوتر المستمر :يرتبط نقص الحديد بزيادة مستويات هرمون الكورتيزون، وهو الهرمون المسؤول عن الاستجابة للضغط العصبي. عندما يكون الكورتيزون مرتفعًا، يشعر المريض بقلق مستمر حتى في المواقف العادية.
الاكتئاب وفقدان الحماس :تُعَدّ المعاناة من الاكتئاب من العوارض النفسية الشائعة لفقر الدم. حيث يعاني المرضى من فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانوا يستمتعون بها، بالإضافة إلى الشعور المستمر بالحزن واللامبالاة.
اضطرابات النوم والأرق: يعاني بعض مرضى فقر الدم من صعوبة في النوم، حيث يستيقظون عدة مرات خلال الليل بسبب الشعور بالتعب أو خفقان القلب. ممّا يزيد من مستويات التوتر خلال النهار.
هل الأنيميا تسبب العصبية والانفعال الزائد؟
نعم، العصبية والانفعال الزائد هما من أعراض فقر الدم النفسية التي يمكن أن تؤثر على الحياة اليومية للمريض. وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في Journal of Affective Disorders، وُجِدَ أن نقص الحديد يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الدوبامين. مما يؤدي إلى زيادة مستويات الحساسية والانفعال العاطفي.
علاوةً على ذلك، يعاني مرضى فقر الدم من الإرهاق المستمر، مما يجعلهم أكثر حساسية تجاه الضغوط اليومية. فحتى المواقف العادية التي لا تسبب عادةً أي انفعال قد تؤدي إلى نوبات غضب غير مبررة. هذه الحال قد تؤثر على العلاقات الشخصية والاجتماعية، حيث يصبح الشخص أكثر ميلًا للعزلة بسبب عدم القدرة على التحكم في مشاعره.
يمكن تقليل تأثير العوارض النفسية لفقر الدم من خلال اتباع استراتيجيات علاجية مناسبة، والتي تشمل:
تحسين التغذية: تناول الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء، والسبانخ، والبقوليات، والمكسرات، مع تجنب شرب الشاي والقهوة بعد الوجبات لأنها تقلل من امتصاص الحديد.
تناول مكملات الحديد: يُوصى بها في الحالات الشديدة، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها.
ممارسة التمارين الرياضية: تساعد ممارسة التمارين في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، مما يقلل من الشعور بالتوتر والقلق.
الحصول على قسط كافٍ من النوم: يساعد الحصول على النوم الجيد في تحسين وظائف الدماغ ويقلل من مستويات العصبية والتوتر.
إجراء فحوصات دورية: إنّ متابعة مستويات الحديد والهيموغلوبين بانتظام يمكن أن تساعد في تجنب المضاعفات الخطيرة.
من الواضح أن أعراض فقر الدم النفسية ليست مجرد مشاعر عابرة، بل يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد على الصحة النفسية والجسدية للفرد. لذلك، فإن الوعي بهذه العلامات والسعي للحصول على العلاج المناسب يمكن أن يُحسّن نوعية الحياة بشكل كبير.
المصدر: وكالات