زواج وإيفاء الدين.. الحصاد يفي بوعوده في دير الزور

تحت حرارة الشمس القاسية ورغم المجهود البدني الكبير المبذول تمتزج ضحكات الفلاحين بسنابل الذهب الأصفر وتغمر الفرحة وجوههم غير مبالين بالعمل الشاق والمجهود الذي يبذلونه.

يأتي موسم حصاد القمح في مطلع كل صيف حاملا معه بشائر الفرح والعطاء والخير حيث تجتمع الأسرة بشيوخها ورجالها ونسائها وحتى صغارها فرحين بموسم الحصاد مجتمعين بحقل القمح لمساعدة بعضهم بعضا.

حيث كانت مواسم الخير ينتظرها الكثير من الشباب والشابات فمنهم ينتظر الزواج على الموسم فكل شيء متعلق به والخطبة ودفع المهر (السياگ) والتچهیز (الزهاب) مرتبط بالموسم كذلك كسوة أهل البيت  لا تتم إلا على الموسم ومن له دين فإنه مرتبط بالحصاد ومن يريد السفر أو قضاء حاجة فهو ينتظر الموسم هذه كانت حياة أهلنا في الريف

يقول أهل دير الزور: (بأيار احصد الشعير لو چان (كان) خيار) ويبدأ الموسم بتجهيز المناجل وسنها عند الحدادة والتعاقد مع الورشات عن طريق رئيسها (الچاووش) آو رئيستها (الچاووشة) أو عن طريق الفزعة أو أبناء العائلة فقد كان التعاون سيد الموقف، ويبدأ الحصاد مع شروق الشمس بهمة ونشاط ويفطر الحصادون عند الضحى وغالبأً ماي كون الفطور بيضاً وزبدة وسمن ولبن (خاثر) مع خبز التنور الحار، ثم يلجأ الحصادون للاستراحة قبل الظهر كون هذه الفترة وحتى العصر حارة جداً يتناولون خلالها طعام الغداء الذي على الأغلب يكون من الثريد واللبن البارد (الشنينة) ليعودوا بعد العصر عندما يبرد الجو (عالبراد) وحتى الغروب ليكملوا ما بدؤوا وتستمر العملية لأيام يرمي فيه الحصادون السنابل أرضاً في أكوام صغيرة تسمى (شمالة) يبدا بعدها جمع الأكوام (الشمالات) في أكوام اكبر على شكل أكداس (چدس) يدوياً بعد ذلك يتم تجميع الأكداس في البيدر الكبير وسط الأرض بواسطة الدواب وقديماً كانت البيادر قليلة الارتفاع واسعة لأن الدراس (الدايس) كان يتم بالنورج (الحيلان) أو بواسطة الدواب (هولة) وأصبح بعد ذلك مرتفعاً عندما استخدمت الدراسات المرتفعة ليعودوا إلى البيد المنخفض الواسع في الدراسات الحديثة أو باستخدام الحصادات في الدرس

قديما تمتد فترة الحصاد والدرس حتى الخريف (الصفري) لأن جميع الأعمال كانت تتم يدوياً فبعد الدرس (الدايس) بواسطة الدواب على النورج ( الحيلات) وتتم تزرية البيدر بواسطة المذراة ثم تصفية الحب بواسطة الكاروك أو الكرك ويكوم الحب ليأتي القسام(الجسام) حاملاً معه العلبة الخشبية (الثمنية) ووتد (باسطون) خشبي يمسح فيه وجه العلبة بعد ملئها ويستخدم طريقة بالعد خاصة مع بعض الأدعية فهو لا يقول سبعة بل سمحة وكذلك لا يقول ثلاثة بل باثنين ويدعي بدعاء لزيادة الخير والبركة مع كل رقم تعبأ عن طريقه الحبوب بالأكياس (الچوالات) أو (الفردات) أو (الشنابل) وتنقل إلى البيوت بعد أن يأخذ كل ذي حق حقه الساقي (الساجي) الفلاح والمزارع صاحب النصبة او الغراف او المحرك الزراعي حقه وكذلك صاحب الأرض الذي يأخذ أجرة أو ما تسمى (جمجیر ) لتنقل بعدها الحبوب إلى البيوت بالدواب ومنها ما يباع وأغلبها تترك للمونة كما يخزن التبن في البيادر بدفنه أو نقله بالأكياس الكبيرة (شلول او بشوت أو بطايح ) على الدواب إلى الأكواخ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار