كتب الاقتصادي المعروف ورجل الأعمال المقيم في المملكة العربية السعودية الدكتور شوقي كدو مقالاً بعنوان:
“أسرعوا … أنقذوا المليارات المنهوبة قبل أن تختفي في دهاليز البنوك الدولية والمافيات القانونية!” يقول فيه:
الموضوع معقد، وطويل، وهام جداً ومتخصص … للسهولة سأحاول شرحه بإيجاز وبصيغة السؤال والجواب ولمقوماته الرئيسية فقط.
السؤال: ما هو المطلوب؟
الجواب: المبادرة الفورية لتأسيس هيئة أو لجنة أو إدارة عامة أو مكتب أو أي اسم آخر، مهمته تحري وتقصي وتتبع فاسترداد أو مصادرة الأموال العامة (أموال الدولة) المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة.
السؤال: ألا يستطيع القيام بهذه المهمة ما لدينا من قضاء وهيئات رقابة وتفتيش، ثم أن سورية، أبرمت اتفاقيات بهذا الخصوص وهي عضو في الاتحاد العربي لاسترداد الأموال المنهوبة؟
الجواب: كلا، هذه المنظمات مع كل التقدير والاحترام لها وللعاملين فيها لا تستطيع القيام بمهام الهيئة المطلوب تأسيسها، فالهيئات القائمة، هيئات روتينية، محدودة الصلاحيات، إجرائية الطابع أكثر مما هي قادرة على اتخاذ مبادرات فعلية، الهيئة المطلوب تأسيسها يجب أن تتمتع بكل الصلاحيات المشروعة ودون حدود، ولها أن تسقط ما يسمى السرية المصرفية في الداخل أو المطالبة بها في الخارج ولها إسقاط الضمانات التي قد يكون حصل عليها ناهبو الأموال العامة، لها حق الاستدعاء والاستعلام والتحقيق والاستجواب، و لها حق تعقب وكشف وتجميد والحجز الاحتياطي والمصادرة والاسترداد وتلقي البلاغات، والتعاون والاتفاق مع المنظمات الدولية لا سيما مبادرة STAR لدى البنك الدولي، ومع مكاتب الاستعلامات الدولية والمباحث الخاصة ومكاتب المحامين في الخارج، ولها حق القبض على المتورطين في الداخل، ولها حق التفاوض معهم وعقد التسويات والمصالحات ومنح المتورطين المعترفين نسبة مما نهبوه، لها أن تحقق في سوء الأمانة والاختلاس والاستيلاء والاحتيال والغش والتدليس واستغلال السلطة، والتهرب الضريبي وتجارة المخدرات وسائر الأعمال غير المشروعة لأي شخص طبيعي أو اعتباري شغل منصباً تنفيذياً أو حزبياً أو تشريعياً أو قضائياً أو عسكرياً أو أمنيا.
على أن تتبع هذه الهيئة لرئيس الجمهورية مباشرة وتتحدث باسم الشعب السوري كله، ويشترط فيمن يعمل فيها شروطاً عديدة أولها وأهمها مخافة الله والخوف من يوم الحساب وعزة النفس ورفعة الخلق، وقدر جيد من الثقافة القانونية والخبرة والموضوعية والمعرفة بعناصر الجريمة المنظمة الاقتصادية الحديثة وقبول التحدي والبعد عن روح الانتقام والتشفي والتسلط مجدداً، وربما تمتعوا بالحصانة والسرية، والحديث يطول في هذا المجال.
السؤال: ما هي الأموال المنهوبة؟
هي كل الأصول أو الموجودات Assets مادية أو غير مادية، منقولة أو غير منقولة، على شكل نقد محلي أو خارجي أو شبه نقد، العقارات، والمجوهرات وسبائك الذهب، والأسهم، والسندات، والحقوق العينية، والصكوك التي تم الحصول عليها بأساليب غير شرعية أو أعيد استثمارها بأشكال أخرى وعوائدها وحق الانتفاع باستثماراتها.` ولدى المنظمات الدولية تعاريف محدثة شاملة ودقيقة يمكن اقتباسها.
السؤال: كم هي المبالغ المنهوبة؟
الجواب: لا أدري، ولست من يلقي الأرقام جزافاً، لكن البعض يقدرها خلال السنوات الخمسين الماضية بما يقارب أو يزيد على التريليون دولار، وأن 90% منها أصبح خارج سورية وبداهة فإن الأموال العامة المنهوبة لا تسقط بالتقادم أو بمرور الزمن، تدل تجارب العراق وليبيا على أرقام مرعبة، وتلك هي المهمة الرئيسية للهيئة التي نطالب بتأسيسها.
السؤال: لماذا السرعة؟
الجواب: السرعة في غاية الأهمية في هذا المجال وتقنية المعلومات والاتصالات وذكاء المافيات القانونية جعلت نقل الأموال العامة المهربة والمسروقة والمنهوبة من صيغة قانونية لأخرى ومن مكان لآخر ومن مالك حقيقي لملاك صوريين، تتم في دقائق معدودة، كما أن البنوك المستضيفة لهذه الأموال تتمسك بالقوانين المحلية ومنها سرية المصارف، لتستفيد منها عشرات السنين، هل أذكركم بأموال الاتحاد السوفيتي وليبيا والعراق وإيران الحبيسة لدى البنوك الدولية منذ عشرات السنين.
الرجاء: لتقوم هذه الهيئة بدورها وعدم الخلط بينها وبين من يقومون حالياً بإلقاء التهم جزافاً، يجب على الدولة أن تخضع من يتهم الآخرين ويحول نفسه إلى محكمة، إلى المساءلة، ومنع الإسفاف والشتيمة والقذف بأعراض الناس والانتقام والتشفي، والعداوات الشخصية فذلك لا يولد إلا الحقد والضغينة، كل المطلوب ممن لديهم معلومات، عن أي شخص وهو حقهم الوطني وواجبهم أن يتقدموا بها إلى جهة حكومية معينة تحددها الدولة مؤقتا إلى أن تتأسس الهيئة التي نطالب بها، ومنع الاتهامات غير المؤكدة والسباب والشتائم وهو سبب آخر لمطالبتنا بالإسراع في تأسيسيها.
الدكتور شوقي كدو من أعلام دير الزور، رجل أعمال معروف، وخبير ومحلل اقتصادي حاصل على الدكتوراة بدرجة الشرف في الاقتصاد من جامعة بون بألمانيا الغربية سابقاً منذ سبعينات القرن الماضي، تركزت أعماله في المملكة العربية السعودية، وحصل على التكريم الملكي أكثر من مرة لخبراته ونشاطاته في المملكة.