إذا كنا قد تكلمنا سابقاً عن البعد الجيوسياسي للزيارة التاريخية للرئيس الأسد إلى الصين تلبية لدعوة كريمة من الرئيس شي جين بينغ بانتظار البيان الرئاسي المشترك وثماره، فها هي الثمار قد نضجت يانعة لا ينكر الخير الذي أتت به إلا المفتري الكذاب الساعي إلى الهدم والخراب ونشر الفوضى كي يظل زعيماً متفرداً لعالم يسوده الفساد والشر.
هيهات من زعامة كهذه أن تستمر ويطول أمدها بعدما أثبتت هذه الزيارة أنها ليست فقط لشراكة استراتيجية قديمة جديدة متجددة، وهو العنوان الرئيسي لها، بل هي في عنوانها الآخر التاريخي لإعادة تشكيل العالم كله بناء على العدالة والتنمية والخير ورفاه الإنسان والإنسانية بعد فترة تفرد من قوة عمياء القلب والضمير، قوة فاسدة تثير النزاعات والحروب، وتتدخل بشكل سرطاني في شتى أصقاع الأرض وتحرض عبر تدخلها على الانفصالية والتقسيم وتدعم من تحت الطاولة التطرف والإرهاب وتدمر العلاقات الدولية وكل هذا الشر كي تبقى متفردة بزعامة عالم صورتها أدبياتها القديمة على أنه (عالم جديد مدهش) كما قال فيلسوفها وكاتبها الإمبريالي صوت (الليبرالية) المتوحشة (ألدوس هيكسلي).
إن عالم (هيكسلي) المريض نفسياً والمتوحش الذي يريد إنتاج البشر مستقبلاً في ( مفاقس ومداجن) كما يقول، ويريد اختراع عقار لسلبهم المشاعر وجعلهم آلات إنتاج فقط ويرى أنه (عالم جديد مدهش) على وشك الزوال، فليس مقدراً لقطبية بهذه (النجاسة الفكرية) أن تستمر، ومن هنا فقد بات واضحاً لكل صاحب رؤيا ورؤية أن الثمار اليانعة لقمة الأقوياء المنتصرين تخطت الجيوسياسي المحلي والعالمي إلى الجيواقتصادي المحلي والعالمي.
لقد كان واضحاً من البيان حرص سورية والصين على سلامة الدول وصيانة وحدة أراضيها ورفض التدخل في القرار الوطني والشعبي، والرفض التام لعقوبات فردية خارجة عن الشرعية والحرص على استقرار العالم اقتصادياً ونموه وازدهار الشعوب ونشر السلام، وكل هذا لم يترك للأماني والأحلام فالأقوياء لا يتمنون ولا يحلمون بل يعملون بثبات وفق رؤية حكيمة أطلقها الرئيس الأسد بشكل قوي وواضح من مدينة خانجو الصينية حين قال: ” أن هذه الزيارة مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكل اليوم عالم متعدد الأقطاب سوف يعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجب الجميع التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد”.
إذاً فإن الواجب العربي والإقليمي والدولي يملي على الجميع التقاط اللحظة التاريخية لبناء عالم جديد عادل، سيكون للعرب فيه الدور الأهم بقيادة سورية فهي القلب الجغرافي والجيوسياسي والجيواقتصادي لمشروع الحزام الجديد وقلب المنتدى الصيني العربي الذي يبدو أنه سيتوسع ويزدهر فقد بات واضحاً أن جمهورية الصين الشعبية صارت الأقدر والأكفأ على إرساء عالم جديد عادل.. وللكلام بقية.
الفرات