أربعة شهور وأهلنا في الحسكة بلا ماء شرب، وها هو الحر اللاهب يأكل أكباد الأطفال وكبار السن والحوامل والمرضى تحت سمع وبصر العالم الذي يترك الدولة السورية تحاول الإنقاذ منفردة بإمكانيتها البسيطة وقدرات وصول محدودة في ظل هيمنة (الانفصاليين) على المدينة، ولا يوجد من يرفع عقيرته بالقول إن من العار على العالم ترك قطعان مصنفة عالمياً بالإرهابية تقطع الماء عن مليون إنسان.
عشرات المرات قام إرهابيو أردوغان بقطع ماء الشرب عن أهالي الحسكة تحت مبررات وحجج واهية دحضها طلب الدولة السورية الدائم والمتجدد بالسماح لورشات المؤسسة العامة للمياه بالدخول للمحطة وإجراء الصيانة الشاملة بما يكفل عدم تكرار انقطاع المياه وديمومتها وأيضاً إجراء أعمال التعقيم والتصفية الضرورية، لكن هذا الطلب يقابل بالرفض ما يؤكد أن قطع المياه هو عمل إرهابي مدان إنسانياً وأخلاقياً وهو من أبشع جرائم الحرب التي يمارسها داعمو الإرهاب.
إن المعاناة في هذا الحر الشديد هائلة ولا توصف، خصوصاً للفئات الضعيفة من الناس، فترى كبار السن والنساء والأطفال مجبرين على حمل المياه بطرق مجهدة تحت الشمس الحارقة من الخزانات إلى منازلهم، لأن مياه الصهاريج مكلفة بالنسبة لهم وسط انحدار الأحوال المادية بشكل عام، كما أن مياه الصهاريج مجهولة المصدر ومن الممكن أن تكون غير صالحة للشرب.
مديرة الصحة العالمية بالحسكة اكتفت باستنكار الجريمة والإعراب عن قلقها من انتشار الأمراض، بينما تحركت الحكومة السورية بسرعة فأطلقت محافظة الحسكة مبادرة (قطرة ماء) وحشدت جهود دوائرها فتمكنت من توفير 400 متر مكعب وهذه الكمية لا تلبي حاجة الأهالي إذا أخذ بالاعتبار الكمية التي كانت تضخ من آبار علوك والتي تصل إلى 60 ألف متر مكعب يومياً في الأوضاع الطبيعية، كما أن الحر الشديد أدى إلى زيادة الاستجرار.
ونتيجة الاستجرار المرتفع فقد انخفض مستوى المياه الجوفية بشكل حاد، وهذا بدا واضحاً خلال عمليات التعبئة والزمن الذي يحتاجه خزان الصهريج، والأمر عام في جميع مناهل المنطقة الموجودة التي يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي لتعبئة الصهاريج، ما يشكل خطراً يهدد جفاف هذه الآبار في حال استمر الاستجرار الكبير للمياه.
إنها جريمة كاملة المواصفات، بحق مليون إنسان يقف العالم متفرجاً عليها يمارسها إرهابيون متطرفون مرتزقة لدى الاحتلال التركي، وقد فعلها العالم قبلها عندما وقف يتفرج لألف يوم على تجويع أهالي دير الزور من قبل حثالة التطرف القادمة من كل أنحاء العالم تاركاً الدولة السورية وجيشها البطل يقاومان فكانت النتيجة النصر وسحق الإرهاب، وستكون هنا النتيجة ذاتها لا محالة، بسحق المرتزقة وطرد الاحتلال، وإن غداً لناظره قريب.
الفرات