خطير جداً انتقال مايسمى بـ (قسد) من الاستسياد والاستزلام لصالح الحرامي الأمريكي إلى إرهاب العصابات بكل مقاييسه ومواصفاته، خطير لكنه متوقعا بالنسبة للقارئ السياسي من جماعة لاتستطيع تمييز منقلبها السياسي ولاوضع استراتيجية عضوية ترتبط بالوطن وبالأرض وبالناس، بمعنى أنها دائمة وليست آنية وزائلة كما هي عادة الاستزلام والاستقواء بالأجنبي على مر التاريخ.
لم يبق في قاموس الإرهاب العصاباتي اسم ولا فعل ولا صفة لم تنطبق على (قسدهم)، منع دخول المساعدات القادمة من الحكومة السورية من محروقات ومواد غذائية وصهاريج مياه، تعطيل العمل في الدوائر الحكومية، إغلاق المدارس الحكومية التي دفع أهل الحسكة والقامشلي ثمنها بدمائهم وضرائبهم وعرقهم، حرق المناهج الدراسية، تكريس الخيانة وتشويه الوحدة الوطنية، حرق الغلال والمحاصيل لحرمان الشعب السوري من خيرات جزيرته، مصادرة الأراضي، خطف المدنيين والاعتداء عليهم، تجويع أبناء محافظتهم وحراسة الحرامي الأمريكي خلال سرقته لنفط سورية وغازها وقطنها…
هل بقي شيء إذاً في قاموس إرهاب العصابات؟!
نعم بقي، مفهوم الحرية الشائهة الدجالة عند الأمريكي هو نفسه عند (قسده)، قمع صوت الحق وإطلاق الرصاص عليه في وقفاته الاحتجاجية في محاولة لدفن الضمير والكرامة، وفرض الحصار على أحياء سكنية كاملة و(النطوطة) على منابر التزوير الإعلامي لجعل كلمة الذين كذبوا وباعوا ضمائرهم هي العليا.
بالصبر الاستراتيجي تتعامل سورية مع (قسد) وتعرف بخبرتها التي تمتد إلى أدق شرايين السياسة أن جزيرتها مثل العضو من الجسد، كاليد والساق، إذا انقطعت ينقطع عنها الدم فتتعفن وتموت لذلك تحرص على مدً عروق الحياة إليها بكل الوسائل.
محافظ الحسكة وأمين فرعها للحزب ومسؤولوها والمديرون فيها يتعاملون بهذا المنطق الصائب، منطق الأبوية والوطنية، ويستمرون بالتأكيد أن الأكراد مثلهم مثل غيرهم من أبناء النسيج السوري المتلاحم الذي شكل أروع لوحة فسيفساء عبر التاريخ، ولن تنجح أي محاولة لفصلهم عن هذه اللوحة لأن الفنان الذي اشتغل عليها هو الوطن السوري عبر آلاف السنين، اشتغلت عليها البيئة والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية واشتغلت عليها الآمال والآلام المشتركة بحيث لايمكن لحرامي أن يقفز من ثغرة في سورها العالي ويظن نفسه سيهرب فائزاً بسرقته بينما عيون مئات الألوف من عشائر العرب والكرد ترصد تحركاته المشبوهة.
أمر (قسد) هذه مفوض للتاريخ، إما أن يسجلها كعصابة إرهابية استزلمت للأمريكي وباعت وطنها، وعذبت أبناء جلدتها وحرمتهم من نعمة الوطن، أو يعفو التاريخ ويصفح عنها إذا حكمت العقل وعرفت أنها كالكف من الجسد إذا انقطعت فإنها ستتعفن وتموت ولو امتدت تتوسل كل دولارات العالم وليس دولارات الأمريكي فحسب.
محمد الحيجي