حوار : خالد جمعة
تنثر الحب والياسمين وتدنو من عمق الفرات وتذهب وأفقها في مكونات سحره وتأريخه لتجسد عالمها الخاص فتكتبه نتراً وقصة … القاصة والشاعرة الفراتية ندى عبدالله منديل التقيناها وكان لنا معها الحوار التالي :
* مامدى بعد القصيدة في تجليات ندى منديل ؟
– امتداد القصيدة أمام ناظري كامتداد البحر بمدّه وجزره ، فهي المسافة مابين الروح والجسد في ملكات حياة الشاعر تتسع أو تضيق كدائرة الضوء متى تغلغلت في القلوب شاع صداها .
هي أشبه بمقطع موسيقي تطرق السمع وتهز أوتار القلب وحسب مايفهما المتلقي يكون وقعها في نفسه أولاً ومشاعره ثانياً ، للقصيدة دائماً وقع خاص يتمركز في دائرة القلب ثمَّ يمتد المدى إلى أبعد نقطة في انتشار الوهج والصوت معاً .
* متى تكتبين القصة ومتى تكتبين القصيدة وخصوصاً أن لكل منهما خصوصية ؟
– بالنسبة للقصة .. الأغلبية العظمى من قصصي مستوحاة من الواقع وأكثرها ذات سمة وطابع اجتماعي تشتمل في بعض نواحيها هيجان العاطفة ومن نواحٍ أخرى تتطرق إلى الواقع سواء أكان تعبيراً عن حالة مرض – فقر – يتم – طلاق – فراق وما إلى ذلك وحتى الضغوط والأمراض النفسية كان لها حيز في كتاباتي .
وتتابع منديل : فمتى ما استمعت أو شاهدت واقعة حيّة لمعت الفكرة في ذهني لأسارع بصياغة الواقعة وحبّكها في قالب قصصي لإيصال المعنى والهدف المراد من كتابة تلك الواقعة وعرضها على المتلقين .
فتحليل الواقع الإنساني والشخصية البشرية بكل مكوناتها وتعقيداتها هو هدفي لإيصال الهدف الحقيقي من نصيحة أو توعية أو شعور إلى المتلقين بشكل عام .
وتذكر : أما القصيدة فالأمر مختلف إذ أن الوطن والحب لهما الجانب الأكبر من قصائدي لأني دائما أقول أن الحب هو الوطن والوطن هو الحب .وبرأيي أينما يكون الحبيب ، لذلك الوطن بالنسبة لي نقطة الارتكاز الأساسية للانطلاق إلى أي نوعٍ من أنواع العاطفة والتي تتبعها حتماً صياغة القصيدة المتمثلة بعرض أنواع العاطفة تلك .
أما عن خصوصية كل من القصة والشعر باعتقادي كلاهما نابعان من صميم القلب وبريق الفكر ويتجلى الفرق بينهما في أسلوب صياغة الفكرة وتحويلها إما في قالب موزون أو نص نثري محدد الجوانب .
أو إسقاطها في قالب القصة المفتوح الجهات حيث لايحد من مدى القصة حاجز أو حد بل على العكس تمتد حتى يطال الفكرة الأساسية لتأليفها .
هذا برأيي لأن مجال القصة أوسع في التعبير وسرد الأفكار من مجال القصيدة . وفي كل الأحوال تلعب الفصول دوراً هاماً بالنسبة لي في الكتابة الاجتماعية إلى حالتي النفسية إذ دائماً أكتب القصيدة وقتما تنتابني موجة حزن أو حنين عابرة في وقت خريفي أو شتوي .
أما القصة فبحسب الموقف ومدى تأثيرها ووقعها في نفسي فالفكرة لاأعدها مسبقاً إنما تلعب المواقف دور العرض المسرحي في مخزون أفكاري وتتجسد الشخصيات أمامي واقعاً حيّاً تحتاج فقط لقلم وورقة لتنعكس بشكل قصة .
* كيف تعاملت مع الواقع الثقافي قبل وأثناء الأزمة .. وماذا تركت الأزمة في أوراق ندى منديل ؟
– قبل هذه الأزمة المؤلمة ومامرَّ على وطننا الحبيب سورية . كان للفن الأدبي طعم مختلف … كان واقعنا غنيٌ بفاكهة الثقافة وكانت حينها رؤيتنا للحياة مختلفة تماماً عمّا هي عليه الآن .
كنّا نحب ونسهر ونحلم ونعمل ، كانت الحياة أشبه بجنة صغيرة ، عروشها أحلامنا وأمانينا التي نعمل لأجلها ونفرح متى حصلنا عليها أو حققنا جزءاً منها .
وتتابع : أما مابعد هذه الحرب الوحشية على سورية والأزمة التي خربت النفوس قبل الأماكن تغيرت فينا أشياء كثيرة … غدت أحلامنا مختلفة ، تغيرت مفاهيمنا عن الحب عن العيش عن التضحية .
صار همنا الأول والأخير هو الوطن لأننا بلا وطن كالروح بلا جسد ، صارت أحلامنا الأمان والسلام والعيش بطمأنينة ، صارت أمانينا العمل وإعمار وطننا وحماية أرضنا ، لم نعد نكترث باقتناء أثاث فخم أو سيارة غدا همنا الأول والأخير حماية وطننا والعيش بسلام .
وتذكر ندى : اختلف واقعنا الثقافي من ناحية معالجة المواضيع والنظرة الموضوعية للواقع الاجتماعي ، فبعد أن أمسك القلم لأكتب عن حبيب غائب أو لقاء محتوم أو قلب موجوع ،، أصبحت أكتب عما خلفته الحرب في نفوس أطفالنا الأبرياء من خوف وألم واضطرابات نفسة .
صرت أكتب عن الصمود الذي واجهنا به جحافل الإرهاب التكفيري
صرت أكتب عن أبطال شباب رووا بدمائهم تربة الوطن وسطروا ملاحم وبطولات سيخلدها التاريخ .
وحتى يبقى الياسمين ببلادي أبيض مهما خانته الفصول ، فتحية مني شخصياً إكراماً وإجلالاً لأرواح شهداء الوطن الأبرار لتكون مزيجا من ألم وحزن وبطولة وصمود .
فربما اختلطت المشاعر على أوراقي بسبب ماخلفه الألم النفسي الذي عايشناه نحن أبناء مدينة دير الزور أثناء الحصار جعلنا من صمودنا اسطورة وكان صمودنا الحافز المشجع لنا للإعمار والخطو لتحقيق النصر والنجاح في كافة الميادين .
* من أهم مميزات الأدب استقراء الواقع والمستقبل فكيف تنظرين الى هذا الأدب وخصوصا أن هناك ادب شبابي ظهر في هذه الفترة؟
– ذكرت قبل قليل أن أشياء كثيرة تغيرت فينا واتضحت صورا كانت غائبة عن أبصارنا
الأدب الشبابي ظهر مسبقا منذ فترة طويلة
فلم يكن مخفيا عنا
فكم من الأدباء الشباب الذين استحقوا الجوائز التقديرية والتشجيعية لكتاباتهم وإبداعاتهم الأدبية لأن الادب برأيي لايتقيد او يتحدد لسن معينة لانه تعبير عاطفي صارخ عن خفايا الروح
فعندما نقول أدب شبابي لانقصد به فقط العمر الزمني بل أيضاً عمر الإنجاز الأدبي
حالياً أشعر بان أدبنا الشبابي كما أسميته تشوبه شوائب ربما لأن هناك فجوة خاوية مابين الواقع والمستقبل ، فالرؤية بالنسبة لشبابنا غائمة جزئيا
نتيجة مامر من ظروف قاهرة وصعبة بسبب الأزمة الوحشية التي مرت على سورية الحبيبة .
باعتقادي إن بإمكان أدبائنا الشباب أن يعودوا لسابق عهدنا بهم من إبداع وتفوق في كافة مجالات الأدب لأن من جد وجد ومن سار على الدرب وصل .
* ماهي الموضوعات التي تتطرقين لها في نصك الأدبي سواء كان نثراً أم قصة ؟
كانت مجموعاتي القصصية متنوعة وتطرقت تقريبا إلى معظم مواضيع الحياه البشرية من حب ،تضحية ،نصروشهادة موت وفقر ،المشاكل الأسرية الطلاق ، الفراق ، الخيانة حتى الأمراض النفسية كان لها حيز في كتاباتي
أما الأغلبية العظمى من القصص فكانت اجتماعيه بحتة على الرغم من كونها خليط من عاطفة وخيال وواقع .
وتضيف الأديبة ” منديل ” :
القصيدة تختلف تماما بالنسبة لي فنصوصي النثرية وقصائدي كانت معظمها عن الحب و الحزن .
* الروايه حلم كل كاتب فهل هناك رؤية لكتابة رواية في المستقبل وهل هنالك في أوراقك رواية قيد الإنجاز ؟
– صدقاً الرواية كانت حلماً وأمنية وكانت كل أحلامي منصبّة على إنجاز رواية يكون لها موقعها ووقعها على الساحة الأدبية ، وعلى جمهور عشاق الأدب والناس كافة
لكن للأسف فقدت الكثير من كتاباتي وأوراقي في الفترة الماضيه الأليمة .
ولاأنكر أن مشروع الرواية يستهويني حالياً لإعادة كتابة وصياغة ما ضاع من كتابات حيث أعمل حاليا على كتابة رواية اجتماعية تجسد ماقبل وأثناء وبعد الأزمة.
يدخل الحب والوفاء أهم جوانبها ، أحداثها تدور عن قصة حب لرجل وامرأة دارت بهما نوائب الزمن وعاصرا الأحداث الأليمة والتي كانت السبب في أن يكون كل منهما في مكان بعيد عن الآخر
لاأجزم بالضبط كم ستستغرق فترة الإنجاز لكن بعون الله سيكون العام الجديد عام أتوج به إصدار روايتي بالإضافة إلى مجموعة نصوص نثرية بعنوان ” بانتظار حب مستحيل ” ، وهي حالياً قيد الطبع إن شاء الله .
* ندى منديل في سطور :
– مواليد دير الزور 1972 ، عضو اتحاد الكتاب العرب/جمعية القصة والرواية .
– خريجة معهد إعداد المدرسين قسم اللغه الإنكليزية في دير الزور .
– إجازة في علم الاجتماع – جامعة حلب
– إجازة في الحقوق – جامعه الفرات
– حائزة على جائزة سعد صائب لستة أعوام
المرتبه الأولى على مستوى القطر لاتحاد شبيبه الثورة
وجوائز عديدة للمركز الثقافي واتحاد الكتاب العرب
مشاركة في العديد من المهرجانات واللقاءات
نشرت أعمالي في جريدة الفرات الرسمية ، ومجلة منارة الفرات الخاصة .
– صدر لها : العنكبوت ، رسم وغناء ، حريق في القلب ، وللموت رائحة الياسمين ، وهي مجموعات قصصية .
– قيد الطبع : ” نصوص نثرية مجموعتين الأولى مابين عينيك وقلبي ” ، والثانية ” بانتظار حب مستحيل ” .
رقم العدد:4363