بقلم : د . نعمة العبادي
اعتدت ان انتظر تجاوز لحظة الضجيج فيما يتعلق بالحديث عن بعض الاحداث المهمة ثم احاول ان اقول شيء اتطلع ان يكون فهماً اعمق.
خلال الايام الماضية تسمرت الشاشات وتجمدت الاصوات وتواترت النصوص وهي تعلق على الحدث الاهم المتمثل بضرب المنشآت النفطية السعودية التابعة لشركة ارامكو الشركة الاغنى في العالم وفي حقيقتها هي (خرجية المملكة) وبما انه صدرت نصوص كثيرة للحدث اضع هنا بعض الحواشي وهي الآتي:
1/ إن هذا السلاح الجديد الذي لم يكن منظوراً ضمن الاستشرافيات المستقبلية لمسار تطور القوة العسكرية واعني بها الطائرات بدون طيار، يضع ادبيات سباق التسلح وبناء الجيوش وحساب معدلات القوة واستراتيجيات الهجوم والدفاع، امام تساؤولات محرجة ومقلقة، ويدعو الى قراءة جديدة لادوات القوة في جانبي الهجوم والدفاع، ويطرح اسئلة خطرة على اركان الجيوش َغرف العمليات ومنظري الامن ويحتاج الى قراءة اكثر واقعية.
2/ان الكثر من اساطير الحصانة والمنعة والتدابير العالية يظهر انها ليست بالحجم الذي تتحدث به عن نفسها، وان جملة من اهداف حيوية وجبهات يمكن الحاق الضرر بها بادوات بسيطة او ليست بحجم التدابير التي يحكى عنها، فضاربوا السعودية كان بإمكانهم وعلى نفس القياس لضربة ارامكو ان يضاعفوا ادوات هجومهم عشرات المرات، وكنا قد شهدنا ضربة شاملة لكل المملكة او على الاقل على عدد كبير من الاهداف، وهو امر يضع الامن كله على كف عفريت.
3/لقد رصدت بعناية ردت الفعل السعودية ووجدت انها:
– متاخرة حماساً وانفعالاً وصراحة بدرجات كبيرة عن الانفعال الامريكي وكادت تصل مستوى الصمت.
– المملكة حريصه جدا على بلع الموضوع وعدم الاندفاع لخطوات متقدمة للرد والمواجهة لانها مدركة بوعي ضريبة المواجهة لذلك حرصت ان تبعد الامر عن الحوثيين لان تثبيت ذلك سوف يلزمها ردا مباشرا كما انها حرصت على القول ان الضربة من جهة الشمال دون ان تقطع انها فعلا انطلقت من اراضي ايرانية ومع كل هذه الترتيبات مع امتصاص الصدمة الاولى وتحريك وجهة النظر الداخلية والدولية لانجاز عدم التاثر واعادة الانتاج، تكون الامور تجاوزت حدة الحماسة الاولى وبالتالي تذويب الموضوع.
– ان الحرص على ابعاد الموضوع من الحوثيين ينفع في تجريد الحوثيين من انجاز مهم قياسا بحجم قدراتهم، ويبعد قادة الحرب في اليمن من الملامة والادانة، ويدخل العالم وخصوصا حلفاء السعودية بمسؤولية المشاركة في تدابير المواجهة على اعتبار ايران عدو عالمي ويهدد كل المنطقة ولا بد من حشد عالمي لمواجهتها.
– بعيدا عن الخطاب التعبوي شعرت بوضوح لا لبس فيه بضعف السعودية وانخفاض صوتها بشكل يعيد النظر بكل الخطابات القائمة على الاساطير.
– لم استشعر احساسا سعوديا شعبيا يتناسب مع حجم الخطر الذي تعرضت له المملكة وهو امر يكشف عن حقائق مغيبة عن الرضا عن السلطة.
رقم العدد:4352