( إذا ما أصبح جحا صحفيا )

 

لن أعطي هنا دروسا عن الإعلام ومهمته ودوره ، لأن ذلك ببساطة مايعرفه أي إنسان ، فالإعلام يسير بعينين لا عين واحدة ، إن طغت مقولة ( كل شي زين ) في تناولاته لقضايا المجتمع – إن كان على الصعيد الخدمي أوالاجتماعي أوالثقافي أوالاقتصادي ، وبالمجمل واقع الناس وواقع مؤسسات الدولة بكافة تفاصيلها – بما يجافي الحقيقة ، فتلك مصيبة ، ومصيبة كذلك أن يكون السواد اللون المفضل في الطرح الإعلامي لواقع بعيد عن هذه النظرة .
ما المشكلة إن تحدث الإعلام عن التجاوزات الخطيرة التي جرت في كلية الحقوق بدير الزور والتي تم كشفها من قبل رئاسة الجامعة فحاسبت المتورطين .. وهل السكوت أفضل ؟
ما المشكلة إن تحدثنا عن ضرورة وضع حل دائم لموضوع المعابر السيلية على طريقي دير الزور تدمر و دير الزور الرقة ، بدل الحل الإسعافي الذي كلف مبالغ مالية كان يمكنها أن تكون في الحل الجذري بتنفيذ الجسور المنهارة على هذين الطريقين ، وكفانا الله شرور الهدر .. وهل السكوت أفضل ؟
ما المشكلة إن عاتبنا الجهات المسؤولة في محافظة الحسكة فيما خص إجراءاتها لدرء مخاطر فيضان نهر الخابور ( زاده الله تدفقا ) ، وقلنا لها إن هنالك بيوتا وأناس تضرروا ، ويجب العمل على تعويضهم ، هل مهمة الجهات الخدمية أن تحذر فقط ، وهل مهمة الإعلام أن ينقل التحذير فقط وكفى الله المعنيين عن القيام بواجباتهم إزاء الأهالي .. هل الأفضل أن نصمت ؟
هل الواجب نقل معاناة أهالي ريف دير الزور الشمالي والشرقي نتيجة هدم الجسور بفعل العدوان الأمريكي ، وما سببه ذلك من مشاكل لا تنتهي سواء على صعيد الصحة و الخدمات والتعليم والزراعة ، وبالمطلق الوضع المعيشي القاسي جدا .. أم أن الصمت أفضل ؟
هل نفتح دفاتر بعض محاسبي الجهات العامة في دير الزور والرقة والحسكة الذين كانوا يتقاضون مبلغا من رواتب موظفيها المهجرين – فترة سيطرة الإرهاب – لقاء تقبيضهم إياها ( المبلغ مابين 3 آلاف إلى 5 آلاف عالراس حسب تعبير هؤلاء المستغلين ) أم نصمت ونترك التجاوزات دون حساب ؟ .

هل مرض ” اللايشمانيا ” منتشر في بعض القرى بالريف الشرقي ، أم أن المسألة مدعاة ليس إلا .. وبلع ألسنتنا أفضل ؟

هل من مشكلة في نقل واقع حي الجورة بدير الزور حيث الأوحال والمستنقعات التي تعقب أي هطل للأمطار ، والتي باتت تشكل أرقا يلازم سكانه .. أم أن هكذا طرح هو مشكلة فنصمت ؟
هل وهل وهل .. كثيرة أسئلتنا في عالم خدمات الناس المغيبة ، كما يمكننا بعيننا الثانية أن نضع ( لايكات ) و نرفع القبعات احتراما وشكرا للجهات التي تعمل بشكل حثيث للقيام بواجبها في خدمة المجتمع ، قائمة الجهات العامة التي تعمل طويلة وإنجازاتها بلحاظ هول التخريب والدمار الذي طال مدننا وقرانا تستحق كل الشكر ، لن أسمي هنا فأهل مكة أدرى بخدامها ، لكنها حقيقة يجب أن تذكر ، فهذا حق من يعمل لأجل مجتمعه .
الوضع الطبيعي لتواصل مسيرك بسلام نحو الهدف هو أن تستخدم عينيك .. لا عينا واحدة !

أحد زملاء المهنة ( أنصار العين الواحدة ) يظن أن النظر بعينيه للواقع يضره أو بالأحرى يسرق بعض امتيازاته .. قلت له الدائم وجه ربك الكريم ، وامتيازاتك الباقية هي أن ترضي ضميرك إلى الحد المستطاع .. من يمارس الصمت الصحفي حيال قضايا تضر الدولة والمجتمع حاله كحال ” جحا ” في قصصنا الشعبي يوم قالوا له أن خطرا داهم القرية ، فأجاب لامشكلة هو بعيد عنا ، فقالوا له : إن الخطر بات في الجوار ، فقال : المهم أنه ليس في منزلي .

هنا لا نحتاج توضيحا لعاقل ماهي حال جحا مع وصول الخطر منزله … لكننا نخاف إذا ما أصبح ” جحا ” صحفيا !!

صباحكم خير بلا ( جحات ) .

رئيس التحرير: عثمان الخلف

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار