عثمان الخلف
يفرض واقع الأزمة التي عاشتها وتعيشها سورية بفعل
الأحداث التي مرت بها مبادرة جادة بشأن العمالة في القطاع العام للتعامل مع ما أفرزته الأحداث من فقدان الكثير من اليد العاملة بمختلف القطاعات.
كمٌ لا بأس به من الاستقطاب لليد العاملة طال الوظيفة العامة مؤخراً بهدف تعويض النزيف ، وإن كان البعض يرى أن هكذا حراك في جذب هذه اليد لايحتمله الوضع الراهن بلحاظ عدم عودة نسبة كبيرة من مفاصل القطاع العام إلى دورة الإنتاج التي كانت جارية سابقاً .
وسط هكذا أوضاع يبقى السؤال مطروحاً بشأن وضع العمالة المؤقتة لجهة التثبيت ، فموضوعة التثبيت للمتعاقدين المؤقتين شهدت تصريحات عدة ، سواء من قبل الاتحاد العام للعمال أو من قبل السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الحكومة ، تصريحات تراوحت مابين أن قرار التثبيت وصل لمراحل نهائية ، وبين أنه يُطبخ على نارٍ هادئة.
بصراحة .. لم أعد أذكر زمن تلك التصريحات ، أولاً لتعدد الجهات التي بشّرت بها ، وثانياً لكثرة الأصوات التي أطلقتها في الجهتين المذكورتين آنفاً ، ناهيك عن تسريبات لمقربين تُسهم في إعطاء فسحةُ أملٍ بهذا الخصوص ينتظرها الكثير .
ليس من المعقول والممكن مطالبة الجهات العامة باستيعاب كل الطاقات الباحثة عن فرصة عمل ضمن قطاعاتها ، وهذا الأمر لا يقتصر على سورية ، بل
يشمل جميع دول العالم ، لكن أيضاً ليس من المقبول بقاء وضع عامل العقد المؤقت .. ( مؤقتاً ) رغم مرور سنوات على صك استخدامه ، وبالتالي كيف يُمكن إطلاق تسمية مؤقت على طبيعة عملٍ ليس ابن سنة
أو سنتين أو ثلاث .. بل هو عملٌ مستمر ؟ .
مما لاشك فيه أن ما نمر به من ظروفٍ ضاغطة اقتصادياً قد تكون عاملاً مُجمّداً للإسراع في اتخاذ
قرارٍ بهذا الشأن ، غير أن قراراً مصيرياً بهذا الحجم ، للعاملين وعوائلهم استقراراً معيشياً أكثر طمأنينة ، وأيضاً لحركة إعادة الحياة للبلد الذي ينهض من بين الركام يتلمس طريقه نحو الأفضل ، يفرض المبادرة لتجاوز المعوقات التي تحول دون المباشرة به ، خصوصاً وأن تصريحات التبشير آنفة الذكر لم تأتِ
على أية معوقات.. لكننا وضعناها من باب الاحتمال
أي على قاعدة ( حرف امتناع لامتناع ) ولطالما أن المعنيين لم يأتوا على هذه ( القد ) فقد انتفت الأسباب التي تُعيق الولوج إلى التطبيق.
لا أعتقد أن أحداً يُنكر دور ( الدولة الأم ) الذي لا تزال مؤسساتنا الحكومية تلعبه بامتياز في نهجها الخدمي والاقتصادي والاجتماعي قبالة المواطن ، دورٌ بإنصاف نادر .. بل وفريد ، ودليل فرادته هي أنه رغم الظروف التي مرت ونمر بها لا نزال ننعم بالكثير من عطاءات هذا الدور الأمومي ، ولو لم يجر ماجرى لكان الوضع بالتأكيد مختلفاً جداً ، فذاكرة ما قبل العدوان على وطننا لا تزال تحتفظ بالكثير الكثير من ميزات معيشية بمستويات عالية .. وأصّرُ هنا على ذاكرة الإنصاف !
تعمل دولتنا بمساراتٍ متوازية ، بالمواجهة للعدوان العسكري الخارجي وأدوات إرهابه ، ومسارات الإعمار وعودة سورية كما كانت بنهوضها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي الذي بنته سنونٌ من الجهد والعرق ، وهذا حتماً لا يُخرج قرار التثبيت عن تلكم المسارات بل هو نقطة مهمة فيه .
ينتظر التثبيت كثيرون ، ويحتاجه كثيرون …
وواجبنا في زحمة الأماني وقلق الحياة أن نُذكّر ..
إن نفعت الذكرى ، أو في أقلها إلقاء حجر في بركة
القرار الحكومي الراكدة … فذكّر !!
رقم العدد:4509