عثمان الخلف
لم تنطلِ إدعاءات ” أردوغان ” وبكائياته السورية على أحد ومن ضمنهم السوريين.
منذ بدء الأحداث في سورية كانت سياسته مكشوفة الأبعاد ، حتى لدى من توهمه من السوريين الذين انخرطوا في مشروعه ” إنكشاريين ” جُدداً يعملون للي عنق حركة التاريخ بعودة ( العصملة )كامبراطورية بقناعها الديني صاحبة ربطة العنق الأنيقة المتماهية مع القوى الدولية المضادة ، ينالهم منها مُسمى والٍ هنا ووالٍ هناك ، يُسبحون بحمده صباح مساء .
( التورم الأردوغاني ) قرأ الحدث السوري عن قناعة بانكسار الدولة السورية ، فالفوضى التي تُتيح له تشكيلاً للجغرافيا السياسية بالمنطقة العربية ككل برؤوس إخوانية الهوى توافرت مقوماتها حسب ظنه ، خصوصاً وأن هذا الظن توافق والاستراتيجية الأمريكية التي راهنت على الإخوان الذين حصدوا ثمار الربيع المصري فجاء ” محمد مرسي ” وقبله مجيء ( إخوان غنوشي تونس ) ، ناهيك عن تواجدهم في المشهد الليبي.
أتاح الوضع العربي الذي أعقب خريفهم المشؤوم ل” أردوغان ” أن يُركِّز جهده في الأحداث السورية
بمختلف الأدوات مدعوماً بالتمويل المالي من قطر والشراكة التي لم تدم مع السعودية والإمارات ، فكان التوظيف الإعلامي المضلل ، ومن ثم احتضان الإرهاب بمسمياته المختلفة .. المتطرف إسلامياً منها، فالمرتزق للمال ، وقبلها لعب ورقة اللاجئين وجعلها وسيلة ابتزاز للغرب الشريك بالفوضى الجارية.
إذ أفشلَ السوريون مشاريع الاستهداف لوجودهم تحت عناوين شعبية ، فهم في الآن عرّوا المشهد الجاري في عموم المنطقة كأحد منصات تفكيك الدول العربية ، إن على مستوى المنظومة السياسية ، أو على المستوى المجتمعي بضرب بنيته واستحضار الهويات الضيقة قبليّة ومناطقية والأخطر الطائفية المقيتة.
ومع بسط الجيش العربي السوري سيطرته على الجغرافيا التي احتلها الإرهاب ، ووصول أمر التحرير لإدلب ومابقي من الريف الحلبي ، أعاد الرئيس التركي الحالم كذبة الفضاء الحيوي وأمن تركيا الذي لا يعني فيما يعنيه أكثر من مسعى لإعادة العثمانيّة التركية – بشراكته والإرهاب – نكون فيها سناجق تابعة للباب العالي الجديد ، أقول : ظهر أكثر عُرّياً أمام الحقيقة التي أزالت لجميع العالم الأقنعة التي يتخفى وراءها فعلُ ” أردوغان ” في الأحداث السورية الأليمة.
قناع اللجوء السوري المفتعل كنتيحة لفتحه حدود الموت أمام تنظيمات الإرهاب العالمي لتدمير وخراب سورية وما جناه لاقتصاد بلده من تحويلات مالية بعنوان دعم اللاجئين ، و ابتزاز الغرب .. إما دعمه بمشروعه أو فتح الحدود أمام آلاف اللاجئين ، بالرغم من كونهم من جنسيات مختلفة غير أن السوريين عنوان الابتزاز الأفضل.
قناع دعم المطالب الشعبية للسوريين ، وإذا به حاضنة للتنظيمات الإسلاموية القاعدية والوهابية والإخونجية التي وجدت الحماية والرعاية والدعم بأشكاله المختلفة مالياً وإعلامياً وعسكرياً بالعدة والعتاد والتدريب .
هنا بات ثوار ” أردوغان ” السوريين شيشاناً وإيغوراً وطاجيكاً ، سعوديين وتوانسة ومصريين … الخ ،
ليبدأ السلطان الجديد عمليات مكياج إعلامي استمر لسنوات من الفك والتركيب الفاشل ليُقنع الرأي العام وبالخصوص الخارجي أن ” جولاني ” جبهة النصرة ماهو إلا ” نيلسون مانديلا ” ، وأن ” زهران علوش ” ليس إلا ” ويلسون ” صاحب مبادئ الأمم المتحدة ، و ما يُسمى بشرعيي الثوار الذين يتولون إفتاءات القتل والذبح ماهم سوى ” المهاتما غاندي ” .. وهنا أطلب ممن تساعده الذاكرة إحصاء تشكيلات التنظيمات المسلحة وتنقلاتها بالأسماء ، ما فنى منها وما بقي ليعرف
أكثر من هو ” أردوغان ” وأي سياسة يقود ؟!
الحقيقة تُحاصر ” الجيوبولتيك ” ( العصملي الطوراني ) هذا هو مختصر الضجيج الذي يفتعله ” أردوغان ” أمام مسعى سورية لاستعادة جغرافيتها في الشمال ، ضجيجٌ لن يُغير من بوصلة الهدف السوري ، ولن يجعل ألمنا معبراً للغزاة يرسمون به أطماعهم واقعاً .
باختصار .. التاريخ لا يعود للوراء ، وإن عاد فهي المهزلة … والمهزلة لا تستمر ، وليست في السياسة
إلا كمن يُطلق النار على نفسه.
رقم العدد:4508