أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا بياناً شرعياً بشأن عملية استبدال العملة الوطنية أكد فيه أن حذف الصفرين من العملة إجراء تنظيمي إداري لا يمس الحقوق المالية أو الالتزامات القائمة، مشدداً على أن استغلاله للإضرار بالناس عبر رفع الأسعار أو الانتقاص من حقوقهم محرم شرعاً.
وقال المجلس في البيان الذي تلقت سانا نسخة منه: إن مجلس الإفتاء الأعلى، وبعد الاطلاع والاستيضاح بشأن عملية استبدال العملة الوطنية (الليرة السورية الجديدة)، وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة، وتنظيم الشأن النقدي، بما يحقق التيسير واستقرار المعاملات المالية يؤكد ما يلي:
إن حذف الصفرين من العملة الوطنية هو إجراء تنظيمي إداري محض، لا يغير من قيم الالتزامات ولا يمس الحقوق المالية القائمة.
تبقى الديون، والعقود، والمهور، وسائر الالتزامات المالية محفوظة ومعتبرة شرعاً، وتحوّل حسابياً إلى العملة الجديدة بالقيمة المكافئة دون زيادة أو نقصان فما كان التزاماً مقداره مئة ألف ليرة، يصبح ألف ليرة بالقيمة نفسها، وهكذا في سائر المعاملات.
إن تبديل العملة النقدية يتم بتسليم العملة القديمة، وتسلم القيمة المكافئة بالعملة الجديدة، دون زيادة أو نقصان، وفي الحال يداً بيد دون تأجيل، وأما الحسابات البنكية، فيكفي ظهور الرصيد بالقيمة المكافئة بالعملة الجديدة بين الطرفين.
إن استغلال هذا الإجراء للإضرار بالناس مثل رفع الأسعار أو الانتقاص من حقوقهم محرم شرعاً لما فيه من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل.
وبين المجلس في ختام بيانه أن استقرار المعاملات المالية مقصد شرعي معتبر، والتعاون عليه واجب شرعاً لما فيه من تعزيز الثقة، وحفظ الحقوق، وتحقيق المصلحة العامة.
الحصرية: تعكس فهماً عميقاً لمتطلبات الواقع الاقتصادي
بدوره أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عبر صفحته على فيسبوك أهمية بيان مجلس الإفتاء الأعلى بشأن العملة الجديدة، التي جاءت في وقتها لتعكس فقهاً راسخاً وفهماً عميقاً لمتطلبات الواقع الاقتصادي، مع الحفاظ على ثوابت الشريعة ومقاصدها.
وأشار إلى أن صدور هذه الفتوى يؤكد أن القيم الدينية ليست بمعزل عن التعاملات النقدية والاقتصادية، بل تشكّل إطاراً أخلاقياً ناظماً لها، يحقق العدالة، ويعزّز الثقة، ويحفظ مصالح الناس، كما تبرز أهمية التلاقي بين الاجتهاد الشرعي والمؤسسات الرسمية في مواكبة التطورات، بما يخدم الصالح العام.
ولفت الحصرية إلى أن تضافر جهود الدولة، والمؤسسات الدينية، والمجتمع بكل أطيافه، هو السبيل الأمثل لبناء منظومة اقتصادية متوازنة، تقوم على المسؤولية والشفافية، وتستند إلى القيم الدينية والوطنية في آنٍ واحد، معرباً عن الشكر والتقدير لمجلس الإفتاء الأعلى على هذا الدور الوطني والعلمي المسؤول.
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي، أعلن مؤخراً أن الأول من كانون الثاني عام 2026 سيكون موعد إطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، في إطار خطة تهدف إلى تبسيط العمليات الحسابية وتحسين كفاءة التداول النقدي.
ويأتي بيان مجلس الإفتاء الأعلى في هذا السياق لطمأنة المواطنين من الناحية الشرعية والاقتصادية، والتأكيد على حماية الحقوق المالية ومنع أي ممارسات قد تستغل عملية التغيير النقدي.
