شكّل البساط العجمي والعبيدي أحد أبرز ملامح التراث الشعبي في محافظة الرقة، حيث لم يكن مجرد قطعة تفرش على الأرض، بل نتاج حرفة نسائية ارتبطت بالحياة اليومية والبيئة الاجتماعية للريف الرقي على ضفاف نهر الفرات.
في بيوت الطين والقرى الممتدة قرب النهر، كانت النساء يبدأن رحلة صناعة البساط من جز الصوف وغسله في مياه الفرات، ثم تجفيفه وغزله، وصولاً إلى جلسات الدوك والمبرم التي تحولت إلى فضاء اجتماعي تتبادل فيه النساء الأحاديث والخبرات.

ويتميز البساط العجمي بزخارفه الهندسية وألوانه السبعة المستوحاة من الأرض والماء والمواسم، فيما يعرف البساط العبيدي بخطوطه البسيطة وألوانه الهادئة التي تعكس طبيعة البادية وهيبتها، هذه القطع كانت حاضرة في تفاصيل الحياة، من تجهيز البيوت إلى المناسبات الاجتماعية، وحملت في خيوطها تعب الأمهات وذاكرة الجدات.
ومع تراجع الحرفة خلال العقود الأخيرة، نتيجة انتشار السجاد الصناعي وتغير أنماط المعيشة، غاب حضور البساط العجمي والعبيدي عن معظم البيوت، غير أن ما تبقى من هذه القطع التراثية ما زال شاهداً على زمن من الصبر والجمال.
الفرات