في قلب مدينة الحسكة، حيث الحياة تكاد تتوقف مع كل انقطاع للمياه، يعيش أكثر من مليون إنسان على وقع أزمة مستمرة، عنوانها العطش، ومع أن المدينة ترتكز في اعتمادها على مصدر رئيسي واحد هو محطة “علوك” الواقعة قرب مدينة رأس العين، إلا أن هذا الاعتماد بات يشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الإنساني في المنطقة.
محطة “علوك”.. شريان حياة هش..
تُضخ من محطة علوك نحو 70 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، وهي كمية تُغطي جانبًا كبيرًا من احتياجات السكان في الحسكة وريفها، بالإضافة إلى مخيمات النزوح، مثل مخيم الهول والمخيمات العشوائية الأخرى، تعتمد المحطة على أكثر من 30 بئرًا لاستخراج المياه من منطقة “علوك”، تُنقل بعدها إلى خزانات الحمة ليتم ضخها حسب برنامج معين.
بدائل مؤقتة… لا تفي بالحاجة….
في محاولة لتخفيف الأزمة، بدأت عدة منظمات بتركيب محطات تحلية مياه صغيرة. ففي عام 2021، تم تركيب 16 محطة، تلتها 4 محطات أخرى في 2022، بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية. هذه المحطات وُزعت في مواقع متفرقة من المدينة، خاصةً في الحدائق العامة ومناطق تحتوي على آبار سطحية، كمبادرة لتأمين مياه الشرب لسكان الأحياء المجاورة، وهي حي المريديان وحديقة الثورة وحديقة الواحة وحديقة البلابل ومصرف التسليف الشعبي وجنوب المالية والنشوة وبين الجسرين وجانب ملعب عبدالله السلمان
إلا أن هذه المحطات، رغم أهميتها، لا تغطي سوى جزء يسير من حاجة المدينة، وتبقى حلاً إسعافيًا في ظل غياب بدائل استراتيجية حقيقية.
خزانات مؤقتة.. والحلول مؤجلة…..
ومع تزايد انقطاعات المياه، لجأت الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية إلى حلول إسعافية، مثل توزيع خزانات المياه. فقد تم تركيب أكثر من 410 خزانات بسعة 5 أمتار مكعبة و126 خزاناً بسعة 2 متر مكعب في مختلف أحياء المدينة.
ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قامت بتركيب وتجديد عشرات الخزانات في 2024، في حين ساهمت منظمة العمل ضد الجوع الإسبانية بتركيب خزانات إضافية في الأحياء الجنوبية. ومع ذلك، فإن تعبئة هذه الخزانات تعتمد على صهاريج المياه التي تبيع الخزان بسعر يصل إلى 35 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ مرهق لمعظم سكان المدينة.
الحل بيد محطة “علوك”……
ورغم الجهود المبذولة، إلا أن الحقيقة تبقى واضحة: لا بديل حقيقي عن تشغيل محطة “علوك” بشكل دائم وآمن. فكل الحلول المؤقتة تبقى غير قادرة على سد العجز الكبير في حاجة الحسكة لمياه الشرب، خصوصًا مع الجفاف وتراجع منسوب نهر الخابور، الذي كان يومًا أحد مصادر المياه في المنطقة.
الحسكة ــ حجي المسواط