عباءة الرجال الديرية.. تعب تحول إلى تراث

 

اشتهرت دير الزور بصناعة العباءات الصوفية و”بشت” الرعاة و”الخاجيات”، وهنالك العديد من المهن التي مارستها النساء في الريف والمدينة بل حتى في البادية، لكنها اختفت مع مرور الزمن أو تغيرت بعض شروطها.

وقال الباحث الراحل عمر صليبي : تؤرخ الأغنية الفراتية منذ مئات السنين لأهمية العباءة الديرية والفخر بها، وتقول الأغنية:

يا يمي اعطيني الدربيل…. انظر شوقي واشوفه

لابس عبا شغل الدير……. تلمع ما بين اكتوفه.

في الحقيقة كانت أنامل الفتيات والنساء مصدراً لإمداد السوق بمنتجات الغزل من عباءات وبشوت الرعاة وأكياس التبن وغيرها من المنتجات.

ففي دير الزور تقوم المرأة بشراء الصوف من السوق المقبي، أحد الأسواق القديمة في دير الزور، وفي الريف يتم استخلاصه من الغنم مباشرة، بعد ذلك تبدأ المرأة تنظيفه من الشوائب العالقة فيه من أشواك وغيرها، ثم تبدأ الغزل بـالدوك (يسمى في بعض المناطق مغزلاً) الذي هو عبارة عن قطعة من الخشب وينتهي رأس العمود بقطعة حديدية كالمسمار المعقوف للربط، يقوم بتحريكه لتنعقد عليه خيوط الصوف على شكل خيط ثخين، وتقوم بلملمته على شكل أطواف.

كما أشار الباحث المرحوم عمر صليبي في كتابه لواء الزور اجتماعياً واقتصادياً إلى الغزل والنسيج بالقول: يدعى من يمارس هذه المهنة بـالحايك وتمر عملية النسيج بمراحل متعددة تبدأ بالغزل، والمادة المغزولة هي الصوف وأحياناً قطع القماش البالية وكانت مهنة الغزل والنسيج من ملحقات العمل للنساء ثم تحول العمل فيها للرجال في المدن أما في الأرياف فما تزال للنساء.

ويضيف صليبي بالقول: يستخدم الرجل يده ورجله في عملية الغزل، ثم تحول الدوك إلى المغزل ذي البكرة المسمى الغزال ولم يكن للنساجين أسواق خاصة بهم، وكانت المنازل هي مقر العمل وما تزال حتى يومنا هذا.

ويتابع صليبي حديثه بالقول: استخدم أهل الفرات النول وهو من أقدم الآلات اليدوية، فعمرها يزيد على مئة وخمسين عاماً، وتتكون من هيكل خشبي على شكل مستطيل مؤلف من عدة طبقات، ويدخل الحديد في تركيبها ولكن بأجزاء بسيطة، وتوضع النول في حفرة بعمق من 70- 80 سم وتدق الأوتاد في الأرض بشكل متقابل ومتوازٍ والخطوط تدعى السدوة؛ وهي الخطوط المشدودة من النول حتى نهاية المكان، وتتألف من عدة أجزاء منها المطواة وهي عبارة عن قطعة خشبية يلف عليها ناتج النسج حتى لا يلامس الأرض ويتسخ، وكذلك حتى لا يعيق الحائك، ويلف عليها الناتج بواسطة قطعة حديدية بطول 60سم وتقوم بقلب قطعة الخشب بمجرد تحريكها وتسمى المفرك، ومن أهم الأجزاء الدفاف وهي دفتان من الخشب علوية وسفلية مهمتها تعشيق الصوف الذي يتخللها البزار وهو مؤلف من حديد وخشب حيث يمر من بين خيوط الصوف حاملاً معه خيطاً جانبياً ليساعد في تماسك ناتج النسج.

الحايك ليس مجرد رجل يقوم بنسج البسط والسوح إنما هو فنان وبارع في جعل منتجاته عبارة عن لوحات غاية في الجمال والروعة، فإن كان الصوف من أصواف الماعز الخشنة فتكون الخيوط الخام لصنع نسيج بيوت الشعر خيام البدو وتدعى الشكاك وماتزال من مميزات إنتاج الدير، وإن كانت البكرات من أصواف الخراف الأكثر نعومة تكون المادة الخام لصنع البشوت.

الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار