حكاية من الماضي

أ. عبدالعظيم العجيلي

هي صداقة طويلة بداياتها مع أيام “محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية” في قبرص التي كانت إمتدادا لمنظومة ال بي بي سي البريطانية حين كان للرحابنة حضورا على أثيرها الغنائي وعبدالسلام العجيلي في عناوينها الأدبية والسياسية .

هكذا كانت بداية عبدالسلام العجيلي مع الرحابنه عاصي ومنصور وفيروز ، صداقة تعززت وتكاملت بوجود صديق لعائلتنا ورفيق عمل لعبدالسلام هو اللبناني جوزيف كامل من بكفيا المقيم بحكم عمله ممثلا لشركات الأدوية فيها ورفيق صبا لعاصي ومنصور مذ كانا يعملان في مقهى والدهما في بلدة أنطلياس القريبة من بكفيا ثم شرطيين في دائرتها البلدية.

توالي السنين وبعد المسافات بين الرقة وبيروت لم ينتقص من التواصل الدائم بين الأصدقاء إن في بيروت حيث زيارات عبدالسلام المتعددة او في دمشق ومعرضها وحفلات فيروز حيث عبدالسلام إما وزيراً مضيفاً للرحابنة أو ضيفاً محتفى به من قبل الرحابنه رغم أنف أصحاب الشأن والسلطة آنذاك .

قضى عاصي رحمه الله وابتعدت فيروز ولم تبتعد وانفرط عقد الإبداع الذي كان وبدأ منحى آخر في النهج الرحباني كان منه في عام 2004 مسرحية “حكم الرعيان” تأليف منصور الرحباني وبطولة لطيفة التونسية وانطوان كرباج وغيرهم عرضت في دمشق وفي حلب.

في حلب وفي صالتها الرياضية المزدحمة بالحضور رافقت عبدالسلام الذي أتيت به من الرقة وهو المتعب مرضياً بعد ان أعلمته أن منصور سيكون حاضراً عرض المسرحية .

كان مقعدينا في بلكون الصالة رغم إصرار المسؤولون عن الحفل أن تكون مقاعدنا في مقدمة الصالة .

في فترة الاستراحة طلب عبد السلام من مدير الثقافة في حلب منظم الحفل أن يعلم منصور الذي كان في كواليس المسرح يراقب العرض بأنه يبلغه التحية،دقائق مرت وإذ الصالة تطفئ أنوارها ثم تضاء عن منصور الرحباني على المسرح في كرسيه المتحرك بعد إصابته بالشلل الجزئي وبيده الميكرفون محيياً عبدالسلام ومنادياً “ياحبيبي يادكتور عبدالسلام العجيلي مافيني اطلعلك تابوسك ياروحي متل مانك شايف” ،تطلعت أعين الجمهور باتجاه بلكون الصاله حيث مقاعدنا تبحث عن الجهة مقصد النداء فيما أحد موظفي الصالة يقدم مكرفوناً لعبدالسلام فيجيبه “وأنا يااخي منصور مابحسن أنزل لعندك شايف حالي شلون. تعّبنا الزمن يامنصور”. توالت بين الإثنين جمل ملأى بكلمات لم اتبينها من شدة التصفيق الذي علت به الصالة وهي تحيي الرجلين فيما أضواء المسرح تضيئ وتنطفأ مع تحيات فريق العمل بما فيهم لطيفه وأنطون كرباج بطلا المسرحية .

عند مغادرتنا سألت عبدالسلام إن كان يود رؤية منصور كما طلب مني مدير الثقافة مسؤول الحفل ، أجابني لا لا، لا أريد ولكن البحة في صوته وشيئ يلمع على وجنتيه أنبأني بأمر أخر فساعدته بهدوء الى حيث تقف سيارتي.

رقم العدد:4536

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار