بقلم : د. نعمة العبادي
هي ايامنا لا نملك غيرها رصيدا آخر يمكن ان يكون وعاء لتحقيق سعادتنا..هي ساعاتنا ليس لنا غيرها بديل يمكن ان يعوض ما ضاع او فات تحت ظل اي مسبب مهما كان. ابتليت الانسانية بحياة اضافية رتبت عليه اعباء نفسية وصحية واخلاقية ومالية ..ووو السلسلة تطول، تمثلت بالفضاء الافتراضي، فبقدر حجم المنافع والمكاسب والمعطيات التي تحققت لانسانيتنا في ظل هذا الاختراع العظيم ، فإن اضعافا من الاعباء والهموم والمنغصات والتوتر والقلق الذي خلفته تلك البيئة لحياتنا،فضلا عن فقدان امور مهمة في ظل طغيان عالم الافتراض على عالم الواقع. اخبار الازمات والمشاكل والاحداث والصراعات الحقيقية و الوهمية، الواقعية والمفبركة، المهمة والتافهة، تلاحقنا في كل وقت وفي كل مكان وفي كل حال، تتخلل في لحظاتنا الجميلة، وتجثو على ساعاتنا وايامنا، وسحبت البساط من تحت قدمي الواقع لتجد الناس محلقة وغارقة في عالم الافتراض وهي في قلب الواقع. لا يتمتع الانسان باستراحة نهاية الاسبوع، ولا بساعات ما بعد العمل، ولا سهرات السمر، ولا في سفرة يفر بها من واقعه، لانه ادمن من حيث لا يحتسب الحضور في وسط دوامة هذا العالم الذي يسهل فيه صنع الازمات وتضخيم الاحداث وتكبير الوقائع، فبمقارنة بسيطة يمكن لاي منا ان يراقب حجم التوتر والضغط والتصعيد ما بين عالمه الواقعي وعالمه الافتراضي، ليجد ان حياته الحقيقية اكثر هدوء واكثر امانا. نحتاج الى نضع مسافة مناسبة تحفظ لنا توازنا واستقرار حياتنا بعيدا عن دائرة صراعات وهمية ومعارك مختلقة، ويمكن ان يكون هذا الفضاء الافتراضي اكثر رحمة من ضيق الواقع. لا بد ان يشرع كل منا في مشروع سعادته وسعادة من يرتبط ولو بشكل جزئي، وان احد المداخل الى هذا الباب هو زيادة المسافة الفاصلة بيننا وبين المعارك الافتراضية الوهمية والصراعات الزائفة ولغة الاثقال على القلوب والارواح.
رقم العدد: 4287