رئيس التحرير: عثمان الخلف
لن ندخل حتماً في حديث الإلهيات ، فالله المغيث أولاً وآخراً .. غير أن الله أجرى أمور الدنيا بسنن . إن لم تزرع لن تحصد سوى الهباء ، بالتأكيد ذلك ، وإن لم تدرس فلن تنجح .. خلاصة سنن الكون ونقطة أول السطر !
لكن ماذا إن زرعت – والزراعة هنا لمحصول استراتيجي له حساباته في المنظومة الاقتصادية للدول الحديثة – و بات محصولك المزروع في مهب حريق ، نعم حريق ، أتى على تعبك كفلاح ، والفلاح هنا عائلة ، والعائلة كبار وصغار ، أطفال و رضع وفتية وشباب رجال ونساء ،
يعني أناس تعيش من هذا الرزق أتى عليه كأنه لم يكن ، أليس من هذه السُنن الأرضية أن تلتفت إلى مؤسسات دولتك و أليس من واجب هذه المؤسسات أن تلتفت إليك بنظرة تعويض ، نظرة تلحظ مدى الخسائر التي أبكت الرجال الرجال على تعبٍ ذهب هدراً ، تعبٌ وراءه بطون جوعى .
في تحقيق لمراسل صحيفة الفرات بالحسكة نُشِر منذ أيام أوردنا أرقاماً عن آلاف الدونمات حُرقت مزروعة بمحصولي القمح والشعير ، آلاف الأطنان فاقد الإنتاج الذي كان من المفترض تسويقه إلى مراكز التخزين والتخزين هنا يعني فيما يعنيه سلة الغذاء السورية . أرقام الخسائر صادرة عن الجهات الزراعية بالمحافظة .
كان الملفت حديث المعنيين بزراعة الحسكة الذين طالبوا وزير الزراعة في زيارته الأخيرة بموضوعة التعويض ، هم نقلوا مطالب الفلاحين المتضررين ، وإن كفراً ذلك فحتماً ناقل الكفر ليس بكافر ، بلا طولة سيرة كون المطالب كانت تتحدث عن صندوق الجفاف ، فجاء الجواب بعدم شمول هذه الحالات به ، وهذه طبعاً فيها وجهة نظر ، مسؤولو الزراعة بالحسكة لم يسألوا عن صندوق الكوارث ،
لكني أنا سأسال … ألا يشملهم الصندوق إن كان لايزال على قيد العمل بالتعويض ؟! . أما من صناديق حكومية يمكن أن تصدق مفاعيلها على الخسائر التي أصابت فلاحينا في الجزيرة ؟
أسئلة كثيرة تدور في مضمار الحدث الذي حول حياة الفلاح الحسكاوي لجحيم ينشد من ينتشله منه .
حديثنا هنا يلحظ وضع المنطقة برمتها ( الجزيرة والفرات ) حيث مشاريع الأعداء تقتات على مصائبنا لتنمو حياة لهم ، وموتاً لنا .. ولا أعتقد أن خطورة هذا الأمر بغائبة عن وزارة الزراعة أو اتحاد الفلاحين ، فالفراغ الذي تتركه يملأه غيرك ، والغير هنا كما أسلفنا عدو متوحش له أجنداته الحارقة للشعوب .
* إضاءة : قيل عن الحرائق أنها فعل فاعل ، وقيل درجات الحرارة .. فأقول : بالنسبة لاتهام درجات الحرارة فهذا قمة التجني ، فصيف المنطقة الشرقية هو هو .. لا صيف بلودان ولا صيف رأس البسيط ولا هو صيف أم الطنافس لا الفوقا ولا التحتا ، ليبقى إصبع الإتهام لذاك الفاعل الذي حذّرنا من مشاريعه التي تقتات على مصائبنا .. فتش هنا عن الغازي الجديد ، أما وكيله فهو الأحمق الذي لن يتعلم من دروس التاريخ … فلاحو الحسكة ينتظرون من يبلسم جراحهم يا حكومتنا العزيزة .
رقم العدد:4280