رئيس التحرير : عثمان الخلف
” بشرى ” الأم ابنة الأربعة والعشرين عاماً فقدت جنينها في رحلة ولادتها الشاقة المسير من الريف الشمالي إلى حيث المقصد مشفى التوليد بدير الزور أمس ، هنا الجغرافيا الممزقة بلا جسور الحياة بين ضفتي الفرات ، وهنا حصار الجسور مخنوقة زمن العبور .
لا نعلم أي طريقي العبور قصدتهما الأم لتضع مولودها ، أهو الطوافة النهرية أم الجسر الحربي ؟ .. لكننا نعلم أن يد الموت طالت جنينها الذي كان بانتظاره شقيقاه فأفسدت الفرحة .
ونعلم أيضاً أن العناية الإلهية تدخلت لتحمي أطفالاً صغاراً من مرارة اليتم ، فخضاب الأم منخفض إلى 5 و نسبة السكر مرتفعة والجنين ميت في بطنها ، وأكثر أطباء دير الزور يعشقون مدينتهم متى درت مكاسبها فإن ضاقت قليلاً وحرموا الرفاهية (ضع الرفاهية تحت عين الملاحظة ) عاملوها فندقاً لا أكثر !
قصة الأم ” بشرى ” تطرح قضية الجسور وتطرح قضية خلو الدير من الكادر الطبي الكافي .
كما وتوجه نداءً إنسانياً لأطباء دير الزور خارجها أن الطب رسالة إنسانية إضافة لكونه مصدر رزق لكم ، و عليكم أن تنظروا بحال أهلكم فيها وأنتم الرابحون .
واقعة الأم وعذابات رحلتها عايشناها على أرض الواقع ولكم تخيل حجم المعاناة ، ومايزيد الألم أكثر فقر زوجها المقاتل في صفوف القوات الرديفة والذي لايملك سوى راتبه ، يعرض الزوج حالته المادية التي يصفها بالتعيسة ، متسائلاً عن كيفية دفع تكاليف ( الولادة الميتة ) بعد نقل زوجته إلى المشفى العسكري وإنقاذها من موت محتوم حامداً الله على سلامتها ، الزوج تحدث بقهر عن المشافي العامة التي تفتقد للكادر الطبي وكيفية إحالة زوجته إلى العسكري لعدم وجود طبيب النسائية ( إملؤوا فراغ القوسين…….. ) .
إلى من يلجأ مواطنو دير الزور وخصوصاً في الريف ، وبالأخص الأخص في قرى الضفة الأخرى للفرات الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية ، إلى من يلجأ هؤلاء مع غياب الكوادر الطبية في قراهم ، ومع ندرتها في المدينة ومع جغرافيا سكنهم مقطوعة الصلة نظراً لهدم الجسور بفعل الإرهاب الأمريكي وأدواته المحلية والعابرة للحدود .
واقع الأهالي العائدين إلى قراهم في الريف المذكور والذين دخلوها منذ تحريرها من قبل أبطال جيشنا العظيم ، يطرح مشكلة عيشهم ، مشكلة صحتهم وأبناءهم ، كل مفردات الحياة اليومية والتي تحتاج مبادرة المعنيين على نسقين ، بشكل مؤقت يتبعه الحل الدائم ، إما تنفيذ جسر حطلة ( السياسية ) أو جسر حربي قريب يوازي عمل الجسر الروسي ، وللصحة حديث آخر .
ندرك ونحن أبناء دير الزور حجم المتطلبات لمحافظة تحررت حديثاً من الإرهاب ، كما ندرك حجم التوجه الحكومي لتلبية هذه المتطلبات وإعادة المحافظة لسابق عهدها عروساً فراتية ، ندرك أننا كسوريين حكومة وشعباً نواجه حرباً على مختلف الصعد تتطلب منا وعياً وصموداً وصبراً ، ثلاثية المواجهة نتشاركها معاً نعم ، نخوضها معاً نعم غير أن المسؤوليات الحكومية هي صاحبة النصيب الأوفر في خلق الآليات ورسم الخطط وتوفير الحد الأدنى لمواجهة العدوان المفروض علينا كسوريين في مختلف تلوناته .
الشكر لأطباء دير الزور والأطقم الصحية المتواجدة على الأرض ، والعتب كبير كبير على الأطباء من أبنائها خارجها ، لسنا في موقع التنظير بل نحن ناقلون لحديث الناس فقط …. دير الزور ليست فندقاً .
رقم العدد: 4206