عبد السلام العجيلي قاص وروائي وطبيب وسياسي من مدينة الرقة، جمع بين الطب والأدب والسياسة، وترك إرثاً يزيد على خمسين كتاباً بين روايات، مجموعات قصصية، ومقالات نقدية وفنية وسياسية.
ولد في وادي الفرات ضمن بيئة بدوية ونصف حضرية، حيث أثرت الحكاية الشعبية والأساطير المحلية في تكوين عالمه القصصي الغني بالغموض والرمزية، كما شكلت الخلفية القومية والوعي الاجتماعي عاملاً رئيسياً في تكوين رؤيته الإنسانية.
يعد كتابه الأول بنت الساحرة (1948) نقطة تحول في القصة القصيرة السورية، إذ جمع بين العمق الفني والوعي الاجتماعي والسياسي، وبدأت معه مرحلة استواء القصة القصيرة كممارسة فنية متكاملة في الأدب السوري الحديث، مزج العجيلي بين العلم والخيال، مستفيداً من دراسته للطب، واستلهم من رحلاته إلى أوروبا لقاءات أدبية وفكرية مع كبار الأدباء والفلاسفة مثل سارتر وسيمون دي بوفوار وكامو، ما أثرى أعماله وخلق حوارات بين الشرق والغرب في نصوصه.
عرف العجيلي بجرأته الأدبية ونقده للأدب المصطنع والسياسي، مؤمناً بأن الفنان يكمل نقص الطبيعة بما يوفره الخيال، وأن الواقع الكامل لا يثير الإبداع الأدبي، تناولت نصوصه قضايا العدالة الاجتماعية، الحرية الإنسانية، وصراعات النفس البشرية، كما ظهرت فيه ملاحظة دقيقة لسلوكيات البشر وتحويلها إلى شخصيات فنية نابضة، وهو ما أشار إليه المستعرب الفرنسي جاك بيرك في كتابه عن العجيلي.
ترجمت بعض أعماله إلى لغات عدة، وحظيت بتقدير أكاديمي عالمي، كما كان له رأي نقدي جريء في الفن التشكيلي، من بينها لوحات بيكاسو، ما يعكس عمق معرفته ورؤيته المستقلة، علاوة على الأدب، شغل العجيلي مناصب سياسية وأخرى دبلوماسية، مما أتاح له الاطلاع المباشر على التحولات العالمية والشرق أوسطية، وأثر في توجيه اهتماماته الأدبية والاجتماعية.
رحل عبد السلام العجيلي في نيسان 2006، تاركاً إرثاً أدبياً ومعرفياً مستمر التأثير في الأدب العربي الحديث، ويظل اسمه علامة فارقة في تاريخ القصة القصيرة السورية وفكرها النقدي والفني.
الفرات