أبدع الفنان خالد الفراتي في رسم بيئة الفرات وأهلها، حيث كان من أوائل الفنانين التشكيليين في دير الزور، وهو أول أكاديمي خرج من جامعة روما للفنون الجميلة، ومن أوائل النحاتين بالمنطقة، وتتسم أعماله بالواقعية السحرية والواقعية التلقائية المشوبة باللون الدافئ المحلي.
عندما نتحدث عن خالد الفراتي، فإننا نتحدث عن مسيرة حافلة بالإبداع والانجازات، ونتحدث عن شخص أفنى حياته بين الريشة واللوحة، حيث خدم الفن بأحسن ما يكون، وقدم أعمالاً كثيرة ما تزال شاهداً حياً عن فن خالدٍ لا يفنى على الدوام.
كان الفنان الراحل خالد يرى أن الفنان لا يتوقف بفكره ولا بعمله بمرور الزمن، وكان متمسكاً جداً بحبه الكبير لمدينته دير الزور ولنهرها الخالد نهر الفرات، ويرى أن كل عمل فني يقوم به الفنان هو جزء لا يتجزأ من حياته وروحه، وكان يرى بأن لوحاته قد أضفت على المشهد التشكيلي السوري المكان الذي يعيشه بأهله ومناظره الجميلة.
مع ثقافة الأب الحكيمة وملامح شخصية الابن البار جاءنا خالد الفراتي ليتعلم الفن على يد والده الشاعر والرسام محمد الفراتي وليخط خطوطه الأولى في مدرسة والده قبل أن يسافر إلى روما ويتخرج فيها كأول فنان أكاديمي.
الفنان عبود سلمان كتب عنه في إحدى مقالاته: المعاصرة في فن خالد الفراتي هو أن يعيش الفنان مع آلام وعذابات الإنسان المسحوق والمقهور يشاركه أحزانه وأحلامه وطموحاته، وأن تكون أعماله صدى وتجسيداً لتلك المعاناة التي يحياها الإنسان البسيط لتتركز قيمة أعماله بما فيها من وحدة وتركيز، وبناء وتشكل حياتي متين وموسيقا متعطشة إلى الثبات والسكون والنظام بإيقاع موسيقي حزين يشدو من خلالها أناشيد الأناس المتعبين المقهورين.
وأضاف: يعتبر من أفضل النحاتين والرسامين الذي استطاعوا التعبير عن الحس الداخلي بالحركة الخارجية مستفيداً من توضعات الخط واللون من الحركة الايقاعية لتراث الفن التشكيلي في وادي الفرات، وقد استطاع أيضا من خلال أعمال أن ينشر زوايا مدينة دير الزور،
تكبير الصورة حدائقها، وريفها ومدارسها وبيوتها الطينية العتيقة، هذه المدينة التي فتح لها ذراعيها ليحتضنها ويرعاها كأنها طفلته الصغيرة.
الفنان الراحل أحمد صبحي قال عنه: الفنان خالد وإلى جانبه الفنان التشكيلي إسماعيل حسني كانا أول من توج الهواية الفنية بالدراسة الأكاديمية من خلال السفر إلى إيطاليا لدراسة الفن ولطلب العلم الفني، ليعود خالد إلى دير الزور حاملاً معه شهادة التخصص عام 1960م ليشكل حينها علامة بارزة وركيزة أساسية بل عموداً أساسياً من أعمدة الخيمة التي خرجت منها الطاقات الفنية التشكيلية بدير الزور وقد عمل بعد عودته وبحماسة شديدة في أكثر من مجال فني: تصوير- نحت- ميداليون فأنتج أعمالاً فنية وبأسلوب واقعي متميز.
يذكر أن الفنان خالد الفراتي من مواليد عام 1925 عمل مدرساً في إعداديات وثانويات ومعاهد دير الزور، وموجهاً اختصاصياً لمادة الفن لمدة عشرين عاماً عن المحافظات الشرقية دير الزور– الرقة– الحسكة، يحمل ماجستيراً أكاديمياً من روما ودبلوماً في الخزف، كما حصل على شهادة اختصاص مع دبلوم في الحفر على الخشب، نال جائزة المنظر الإيطالي من مدينة باري الإيطالية، حصل على الوسام الفضي عام 1958، ونال وسامين ذهبيين عام 1947 في معرض الفرات، شارك في عدة معارض فنية في سورية وإيطاليا.
اسماعيل النجم