تاريخ السينما في مدينة الرقة… ذاكرة الضوء والدهشة

شكلت السينما في مدينة الرقة منذ منتصف القرن الماضي نافذة ثقافية واجتماعية فريدة، نقلت أبناء المدينة من بساطة الحياة اليومية إلى عوالم الحكاية والصورة وبين أول مقهى تحول إلى شاشة عرض وآخر دار سينما أُغلقت بعد عقود من العمل، تختزن الرقة ذاكرة سينمائية غنية لا تزال حاضرة في وجدان أهلها.

بدأت أولى عروض السينما في الرقة عام 1944 مع سينما فؤاد، التي أسسها الحاج علي بلدية، قبل أن تنتقل ملكيتها لاحقاً إلى عدد من أبناء المدينة، وأوضح كبار السن أن المدينة آنذاك كانت تفتقر للكهرباء، حيث كان عرض الأفلام يتم بالاعتماد على محرك خاص، فيما توزعت مقاعد السينما على ثلاث درجات بأسعار رمزية، ما جعلها في متناول مختلف شرائح المجتمع.
وبين مقاعد الخشب وصوت آلة العرض، عاشت الرقة لحظات تفاعل استثنائية مع الأفلام، حيث كان الجمهور يعبر عن مشاعره بحرية وحيوية، كما خصص للنساء عرض أسبوعي في فترة العصر، في خطوة عكست وعياً اجتماعياً مبكراً بأهمية مشاركة الجميع في هذا الفن.
ومع مرور السنوات، اتسعت خارطة السينما في المدينة، فظهرت دور عرض أخرى مثل سينما الوحدة وسينما الشرق وسينما الزهراء، وصولاً إلى سينما غرناطة التي شكّلت آخر محطات هذا المشهد، قبل أن تغلق أبوابها عام 1998 إثر حريق كبير أنهى نصف قرن من العروض والذكريات.
اليوم، لم تعد سينمات الرقة مجرد مبان أغلقت، بل تحولت إلى حكايات تروى بين الأجيال، وأوضح المهتمون بالتراث الثقافي أن هذه الذاكرة تمثل جزءاً أصيلاً من تاريخ المدينة، حيث امتزجت البساطة بالدهشة الأولى أمام الشاشة الفضية، في زمن لا ينسى.
الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار