اشتهرت دير الزور بفن الدق على الوجه أو اليد للنساء والرجال، فهو فن قديم ترافق وجوده مع وجود البدو.
واعتبر سكان دير الزور الدق من أنواع الزينة بالنسبة للمرأة سابقاً، أما بالنسبة للأطفال فيعتبر الوشم أو الدق باعتقادهم وسيلة لبقاء الطفل حياً.
لا تقتصر مهنة الدق على النور فقط، بل تعدته إلى بعض النسوة في المدينة والريف وقد تغنى المغنون الشعبيون بالدق في الأفراح والأعراس، مثل بيت النايل:
يشبه دبيب النمل على الزردوم / حط الاثم عالاثم وخلي القيامة تقوم
سارت المرأة الديرية على ما ورثته من العادات والتقاليد وأسرفت في التمسك بالوشم حتى يومنا هذا، وقد شمل أجزاء من جسمها وهناك تسميات خاصة بالوشم ولكل موضع تسمية ومن ذلك: شعابيات وسنابل على الرقبة والصدر، وردة ورثمة في طرف الشفة، أمشاط وشقاليات على الساق، كحلة القطا أو الغمازات على طرف العين، حجول في أسفل الساق، زلف ونقطة على الخد، هلال في وسط الجبين، خصر على الرسغ، صحن ورد ووسادة ابن العم على الزند، وشم على الحنك.
وبين الباحث الراحل الدكتور علي الشعيبي في كتابه (دير الزور ماض عريق وحاضر مشرق) عن الدق عند الرجال قائلاً: يكون الدق عند الرجال على الزند، وهو عبارة على كتابة الاسم أو الصور المختلفة للسلاح والطير، وبعض الحروف من الاسم الأول والثاني للحبيبة، وهناك من يوشم كلمات مثل رضاكي يا أمي أو يا رضا الله ورضا الوالدين، أو أبو عذاب وغيرها من الكلمات.
وتابع الشعيبي حديثه بالقول: تقوم بعملية الدق نساء من النور أو كما يسمونهم القرباط اللواتي يحضرن إلى البلد أيام الربيع لقاء أجور عينية ونقدية وعملية الدق تتألف من عدة أبر يذر على مكان الدق الكحل الأسود تتورم أماكن الدق حيث تبقى أسبوعاً ليتم الشفاء، ويقمن بعملية الدق بواسطة سبع إبر توضع بالبداية بمزيج من الفحم والزبدة مثلاً لإعطائها اللون الأسود، وفي دير الزور غالباً ما يستعمل الكحل مع الحليب ولهذا السبب لون الوشم أخضر غامق.
هناك ثلاثة أنواع الأول الدق على الوجه: غالباً ما يكون للنساء فقط ويستعمل كزينة للوجه والثاني الدق الطبي: كالوشم ضد وجع الرأس وما يعرف بوشم الحلابات، الذي يدق حول المعصم ضد مشكلات وجع اليد جراء عملية حلب الماشية، والثالث وشم مرتبط بالطب يدق عادة في أسفل القدم ضد العقارب والأفاعي.
كما وردت لفظة الوشم في عدة أبيات من الشعر الجاهلي حين قال طرفه بن العبد في معلقته:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد / تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
وقال زهير بن أبي سلمى:
ديار لها بالرقمتين كأنها / مراجيع وشم في نواشر معصم.
الفرات