المسرح الديري… من الأحياء الشعبية للأندية الثقافية

 

كانت بدايات المسرح في محافظة دير الزور بداية بسيطة وخجولة بين الأزقة والأحياء الشعبية ولا يتجاوز العرض دقائق معدودة، من بعدها انتقل المسرح للأندية الثقافية التي انتشرت في أنحاء المحافظة.

يمثل المسرح حضارة المجتمع من خلال التوجيه الذي يقوم به اجتماعياً وثقافياً وأخلاقياً وسياسياً، وقالوا قديماً أعطني مسرحاً أعطك شعباً ففي بداية القرن العشرين لم يكن في دير الزور مسرح وإنما كانت عبارة عن بدايات خجولة لبعض الهواة الذين درسوا خارج محافظة دير الزور ليعودوا إليها حاملين معهم هذا النوع الجديد من الحراك الثقافي، وكانت مسرحياتهم عبارة عن بضع دقائق بأماكن لا تتعدى الحارات أو الأحياء الشعبية والأماكن المكشوفة للتعبير عن حالة اجتماعية أو دينية، وكان وقتها الممثلون المسرحيون يتكلفون بكل مستلزمات العمل المسرحي ولا يتقاضى الكاتب أو المعد أو الممثل أجراً على ما يقومون به، وكانت العروض مجانية وتنتقل من مكان إلى آخر على نفقتها أو على نفقة الميسورين المحبين لهذا الجنس الأدبي.

أمام هذا الاهتمام ومتابعة الناس في دير الزور لهذه العروض المسرحية البسيطة شعر المثقفون بواجبهم وهيؤوا أنفسهم لإنشاء ما يسمى المسرح كنوع من أنواع الترفيه والتثقيف ولم تقتصر العروض فيه على مشاهد لبضع دقائق وإنما امتدت لأكثر من ساعة يتخلل العرض طرح للمشكلات التي تواجه المجتمع وإيجاد الحلول المناسبة لها، فكان المسرح عبارة عن منبر لطرح الآراء والتوجيه ولا تخلوا بعض المسرحيات من المتعة والضحك بهدف كسب اكبر عدد من المشاهدين

وعن ابرز الشخصيات التي كان لها دورها في الحراك المسرحي يحدثنا الأستاذ إسماعيل العثمان بالقول: من ابرز الشخصيات التي كان لها دور بارز في ترويج ثقافة الحراك المسرحي في العشرين من القرن الماضي الشاعر توفيق قنبر الذي كتب عدة مسرحيات تم تمثيلها كمسرحية الحي والميت، الغريب، الراعي، ومن الشباب الذين ساهموا أيضاً في هذه الأعمال المسرحية توفيق الفتيح، صادق رجب، إسماعيل حقي، عبد القادر الفرحان الفياض، عبد الكريم الفرحان الفياض، إبراهيم المدلجي، توفيق مطر، سعيد السيد، عبود الشيخ عطية، فائق المضحي، بشير الحاج فاضل، إسماعيل الفراس.

شهدت الحركة المسرحية في محافظة دير الزور أدواراً عدة وهي فترة الاستعمار الفرنسي التي كانت بالأزقة والأحياء الشعبية. أما الدور الثاني فقد بدأ في الأربعينيات بعد طرد الفرنسيين حيث حدثت نقلة نوعية في الحراك المسرحي وهي مرحلة الانتقال من الأحياء الشعبية للأندية الثقافية حيث لم يكتف الأدباء والمثقفون بعرض عروضهم في الشوارع والأزقة والمناطق المكشوفة وإنما اخذوا يؤسسون نوادي ثقافية تهتم بالمسرح حيث لم يخل نادٍ ثقافي في محافظة دير الزور من مسرح خاص شتوي وصيفي، ومن الأندية الثقافية التي اهتمت بالفن المسرحي نادي الطليعة والذي تأسس عام 1945 وكانت رسالته إحياء وبعث الفنون المسرحية والرسم والموسيقا في وادي الفرات، وهناك أيضاً نادي الثقافة الذي تأسس عام 1944 برئاسة الدكتور لطفي الحاج حسين وقدم عدداً من المسرحيات الهادفة المهتمة بقضايا الشعب والوطن، إضافة للبيت الثقافي الذي تأسس عام 1942 ورئيسه ومالكه الأستاذ عبد القادر عياش وكان فيه مسرح صيفي كبير ومسرح شتوي ومتحف للتقاليد الشعبية، ومسرح المركز الثقافي الذي تأسس عام 1959 ومسرح نادي غازي، ومسرح نادي الفنون، ومسرح اتحاد الطلبة بدير الزور، ومسرح ثانوية الفرات، ومسرح الفلكلور الشعبي، ومسرح الطفل ومسرح الرحبة.

الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار