بني قصر البنات أو قصر العباسيين في الرقة على بقايا مدينة الرافقة التي تشكل الآن جزءا من مدينة الرقة الواقعة في الجزء الأعلى من نهر الفرات ، ويعود قصر البنات إلى الفترة العباسية المبكرة.
والقصر ككل الأوابد الأثرية العباسية في منطقة الفرات مبني من مادة الآجر ويعود السبب بذلك لطبيعة المنطقة ومناخها. ويعتقد بأن تسميته بقصر البنات تسمية محلية، ليس لها أي أساس تاريخي اعتماداً على كل المصادر التاريخية، حيث لا نجد فيها أي إشارة إلى قصر بهذا الاسم، ولكن أغلب المصادر تشير إلى وجود بيمارستان ومدرسة لتعليم الطب أيام نور الدين الزنكي وذلك دون الإشارة إلى مكانهما ويظن علماء الآثار الذين زاروا المنطقة بأنه ربما كان قصر البنات هو البيمارستان.
وأثبتت أعمال الحفر الأثري المنهجي أن أساسات هذا البيمارستان تعود إلى نفس الفترة التاريخية التي بني فيها سور المدينة عام 772 م. ويشكل المبنى مربعاً كبيراً ينقسم إلى أربعة مستطيلات باتجاه شمال جنوب ويفصله عن جامع المنصور المعروف بالجامع العتيق قصر الخلافة الذي أزيل مع التوسع العمراني للمدينة ونحدده حالياً بتقاطع شارعي سيف الدولة وشارع 23 شباط.
والبيمارستان مبني من الآجر المشوي بأكمله ويوجد في وسطه نافورة ماء وفتحة لتصريف المياه إلى خارج القصر وتدل أشكال الآجر الموجودة على جدران هذه المنشأة فوق الأساسات بارتفاعات مختلفة إلى أنه جدد في العهد الأيوبي وحول لاحقاً إلى بيمارستان.
ويرجع تدوين الملاحظات حول هذه الأطلال إلى العالم الألماني هرتزفلد ففي عام 1907 مر عليها خلال رحلته في المنطقة وقام بتصويرها وأعد المخططات الأولية لما كان ظاهراً منها وحاول أن يؤرخ لهذا القصر قبل البدء بالتنقيب فيه من خلال الشواهد الظاهرة والزخارف والعناصر المعمارية، ونسبه إلى القرن الثاني عشر الميلادي وبشكل خاص إلى أسرة العقيليين الذين تحالفوا مع السلاجقة ثم مع ملك شاه فيما بعد واستقروا لاحقاً في جعبر.
وفي عام 1977 م بدأت مديرية الآثار والمتاحف العامة التنقيب في قصر البنات، حيث عادوا إلى الدراسات والصور التي نشرها هرتزفلد لهذا القصر والتي بينت أن ارتفاع أطلاله كان يتجاوز 10 أمتار تقريبا بأربع طبقات من النوافذ وثبتت الأطلال على ارتفاعها الحالي بعد عمليات التهديم والانهيارات، واقتلاع الناس لآجره لبناء مبانيهم والتي حدثت بدءاً من ثلاثينيات القرن الماضي وبعد أن رفعت بعثة التنقيب ما يقارب من أربعة إلى خمسة أمتار وصلوا إلى الأرضية المبلطة.
وأضاف إن القصر يتألف من باحة مركزية مربعة الشكل تقريباً، تقع في الوسط، وتطل عليها من الجهات الأربع مجموعة من الغرف، وفي الشمال نرى الإيوان وهو الصالة المفتوحة، ومعزز بغرفة أو حجيرة خلفية وبحجرتين جانبيتين، وإضافة إلى ذلك فهو يطل على باحة ورواقين خاصين به ويتمتع الإيوان الشمالي بواجهة خاصة به، وفي الجنوب يوجد مدخل يشير إلى توجه البناء من الجنوب نحو الشمال، ونشاهد واجهة خاصة مع ثلاثة مداخل مدخل أوسط ومدخلان جانبيان والإيوان في الوسط مناظر للإيوان الشمالي وغرف جانبية أما في الشرق والغرب، فهناك إيوانان بسيطان يطلان على الباحة.
ويلاحظ الدارس لهذا المكان أن هناك تركيزاً على محوري الشمال و الجنوب في هذه المنشأة وهناك باحة مركزية تطل عليها أربعة إيوانات من الجهات الرئيسية الأربع ضمن مخطط متصالب ونلاحظ أيضاً وجود غرف وصالات كبرى في الزوايا بشكل متناظر أبعاد كل غرفة 8×6 م أما بقية الغرف فتتوزع بشكل غير متناظر، وهذه ملاحظة هامة، ولحسن الحظ أن ما تهدم من القصر قد بقي على الأرض فساعد على تصور شكل الأجزاء العلوية من البناء.
مر القصر بثلاث مراحل أولاها في العصر الأيوبي حيث تعرض لحريق قد يكون المغول وراءه، ثم سكنته عائلات فقيرة ابتنت جدراناً هزيلة دلت على وجودهم، ثم سكن بعد خرابه في القرن التاسع عشر حيث عثر على بقايا تنور وهذه المرحلة هي الأفقر.
يتألف قصر البنات من باحة مركزية تطل عليها أواوين أربعة ويفتح في الجنوب مدخل رئيسي مرتفع يقابله في أقصى الشمال صالة خلفها حجرة وإلى جانبيها حجرتان، وتطل الصالة على باحة ورواقين، ويمتد القصر شرقا وغربا لمسافة تحت الشوارع القائمة ولم تكتمل عمليات الكشف لهذا السبب.