تعتبر النواعير من أهم الأوابد الأثرية والتاريخية في سورية، وقد عرفها الإنسان قديماً كما لعبت دوراً هاماً في حياة الإنسان، وسكان حوض الخابور من الذين كان لهم تماس مباشر مع تلك النواعير.
حيث كانت تستخدم لسقاية أراضيهم الزراعية وبساتينهم وإيصال المياه إلى المنازل عن طريق السواقي، كما كانت تلعب دوراً اجتماعياً، وقد ذكرت كتب الباحثين والمؤرخين كيف كانت ملتقى للعشاق والمتيمين وملاذاً آمناً حافظاً للكثير من أسراهم.
النواعير عالم آخر غاية بالروعة والجمال، كانت ملتقى للناس والأحبة يأتون إليها لأغراض عدة، كانت النسوة يقصدنها لغسل الصوف والفراش مستمتعات بموسيقا دواليبها الخشبية، هذا غير منظر الصبيان الذين يعتلون تلك الدواليب ومن ثم يقفزون إلى الماء راسمين بأجسادهم أجمل لوحة عشق وغزل بينهم وبين تلك النواعير.
ولا ننسى كيف كانت الإبل تأتي من المراعي البعيدة حين سماعها لأنين تلك الدواليب عندما تهب الريح، واليوم لا نرى إلا أطلال تلك النواعير بحجارتها السوداء الصامتة تعاند الأيام صامدةً في وجه الزمن تخبئ لنا بين حجارتها آلاف القصص والحكايات.
إنها تحتضن عبق وعراقة الماضي وتذكرنا بعظمة تلك الأجيال، فهل من صحوة تعيد لنا تلك الدواليب الخشبية لتعزف من جديد سيمفونيتها الريفية بحزن ورتابة
تصنع الناعورة من خشب السنديان والتوت بالإضافة للمسامير الحديدية والصناديق المعدنية، مادة الخشب هي المادة الرئيسية في صناعة الناعورة ولكل مجموعة منها اسم خاص وهي مرتبة بدقة متناهية في هيكل الناعورة نذكر منها:
الكعب والقلب والأعتاب والوشاحات والقيود والدائرة، وتكون قاعدة الناعورة مبنية من الحجر الأسود ومادة الاسمنت على الأغلب، وهي ذات حركة دائمة عامودية دائرية، منقلبة صناديقها فارغة معدة لرفع الماء ثم تصبه في سواقي وقناطر معدة لهذا الغرض.