الشعر الرقي.. حنين البدوي إلى الفرح

 

الشعر الشعبي في الرقة نما وترعرع بين أفئدة صادقة وفية ترجمت عواطفها بكلمات عشقتها الأذهان وتمتعت بمعانيها الرائعة لبساطتها وروعتها، ومازالت تزداد وتزداد إلا أن تلك الملامح الحزينة بدأت تختفي وذلك لما توصل إليه ابن هذه المدينة بباديتها وريفها من التمدن والتحضر

وأما عن أسباب السوداوية في الشعر الرقي فيقول الشاعر الراحل  محمود الذخيرة إن القصيدة الفراتية تتسم بالسوداوية والحزن وذلك لأسباب كثيرة أهمها الاستبداد الناتج عن المغول والتتر، أما السبب الثاني فهو الطبيعة بأسرها والبادية ذاتها حيث قسوة الحياة وصعوبة العيش، وثالث تلك الأسباب حرمان البدوي وشعوره بالحاجة العاطفية إلى الألفة وحتى الحاجة المادية من خلال أشعاره التي تمتلك سمة واضحة من الحزن.

من بين هذه الأشعار:

أويـل قلـبٍ مسـنو لواكيـع.. من زغر سني الليالي غدرني

يا دهر يا خوان مالك روابيع.. ادعيتني ما نام ليلي أعني.

وتتأجج هذه السمة في العتابا لتبدو واضحة:

لف قندوس جرحي وما شفاني.. ولا نفع بحالي ولا شفاني

يوم وداع خلي ما شوف آني.. السود من البياض من العمى.

أما في الموليا فيقول:

العين جفت دمع مذروفها من الدم.. كدرني جور الهوى من صباي زاد الهم

احتسيت مر العمر جرعات دفلى وسم.. سافن جناب الدليل وعن مساميه.

ويتابع الذخيرة بالقول: أما السمة الثانية من سمات الشعر الرقي فهو الحرمان؛ الذي يتصف بسمة من سمات العزل العذري، حيث يشاطر الشاعر الفراتي الغزل العذري هذه السمة وربما تسمو على غيرها من سماته الأخرى كالحبيب الواحد.

لي هاج بحر الهوى الزين ملاح.. حتى العذيمي يتباهى حين مالاح

اركض وراهن واصيح ملاح يا ملاح.. كلجن حوارم ترى من غيرها هيّه.

كان يذكر في أغلب أبيات الغزل العذري اسم من يتغزل بها الشاعر، على نقيض الشعر الشعبي في وادي الفرات ،حيث لا يسمح النظام العام في هذه البيئة بذلك، فيلجأ الشعراء إلى سلوك سبل أخرى، وقد يستعيض الشاعر عن ذكر الاسم بذكر معناه:

آني جتلني من اسمه بأول الذود.. حنت على حوارها بفروع ورود

ماكدر على وصولها لا آني ولا نجودي.. همي رحل ما يشيلوه هديب شرجيه

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار