سردية جديدة.. مداواة الذاكرة بالمستقبل

هي أكثر اللحظات رمزية تعيشها سورية اليوم، لحظة لا تُقاس فقط بميزان السياسة وإعادة التمركز دولياً، بل بميزان الوعي الثقافي الذي يعيد تشكيل العلاقة بين الذكرة والمستقبل بعد التحرير، ذكرى انتصار أعظم ثورة في تاريخ البشر تأتي مع زيارة العالم إلى دمشق الجديدة وسوريا الجديدة.
إن الزيارة الأخيرة لوفد من أعضاء مجلس الأمن إلى دمشق، وما حملته من دلالات تحول في المواقف الدولية، تكشف أن المشهد السوري لم يعد يُقرأ من زاوية الصراع الذي حسمه الشعب السوري لصالحه، بل من زاوية القدرة على صوغ سردية جديدة تعكس صمود المجتمع وإصراره على استعادة حياته.
ثقافيًا، تفرض هذه الزيارة سؤالًا أعمق: كيف يمكن لسورية، بذاكرتها الجمعية المثقلة بالوجع، أن توظف هذا الاعتراف الدولي المتنامي في إعادة بناء صورة المستقبل؟ فالمشهد الثقافي ليس مجرد نشاط فني أو أدبي، بل هو مؤشر على عافية المجتمع وقدرته على تحويل الجراح إلى طاقة إنتاج وإبداع.
جولة الوفد في حي جوبر، وهي مساحة تحمل ذاكرة دمار ومعاناة، تحولت إلى مشهد معاينة مباشرة لولادة جديدة، أعمال ترميم، إعادة فتح طرق وعودة تدريجية للحياة، هذه التفاصيل الصغيرة تشكل اللبنة الأولى في سردية ثقافية جديدة عنوانها أن المدن التي تنجو لا تكتفي بالنجاة، بل تعيد إنتاج ذاتها بتصميم أكبر.
إن المتغيرات الدولية ليست حدثًا منفصلًا عن المزاج الثقافي العام، بل هي اعتراف ضمني بقدرة السوريين على تثبيت سيادتهم وصياغة مستقبلهم. ومع بدء مرحلة إعادة الإعمار، يصبح الرهان الأكبر هو تحويل هذه اللحظة التاريخية إلى مشروع وطني شامل يعيد لسورية دورها الحيوي في محيطها، ويفتح الباب أمام ثقافة قادرة على مداواة الذاكرة وصناعة الأمل.
عقبة الخلوف الحسن

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار