تاريخ لمحافظ أم مستقبل لمحافظة؟

عدة أيام في تاريخ محافظ دير الزور، نقول تاريخ لأنه سجل لنفسه ما يشبه قصب السبق خلال تلك الأيام، لم ينتظر الرجل زيارات حكومية، حمل معه حقيبته واتجه إلى الحكومة في دمشق، لم يحتج إلى طرق أبواب الوزراء، كانت مفتوحة على مصاريعها يدخل منها كل من يريد.

دير الزور التي لم يزرها الحاقد المقبور في حياته كلها كانت أحزانها وعذاباتها محل نقاش في المكاتب ذات الهواء الطلق والأبواب المفتوحة، أول المحطات للمحافظ كانت عند وزير الطاقة حيث تم الاتفاق على إنشاء محطة توليد والتوليد والاستفادة من الطاقة النظيفة، تلتها محطة عند وزير الشؤون الاجتماعية للاطلاع على الوضع الإنساني في المحافظة، التي دمروها بشكل شبه كامل، قسموها، سرقوا خيراتها، طردوا سكانها منها، دعشنوها ثم بحجة الدعشنة، قصفوها بالصواريخ من بحار قزوين والأحمر والأسود والمتوسط، حتى مات الرافد وهرب الوافد وبقيت اليتامى تتلمس لقمة من يد المنظمات الدولية ويتضور العجزة جوعاً.

من هذه المكاتب إلى غيرها ممن يستطيعون تغيير مستقبل المدينة، إلى وزير الاتصالات شبه المفقودة في الدير، إلى وزير الأشغال العامة لاطلاعه على حجم الدمار الذي أكل تسعة وتسعين بالمئة من المدينة وترك فيها ثلاثة أحياء فقط تعوزها جميع الخدمات، وأهمها ترحيل أنقاض المباني التي سقطت على ساكنيها وتحللت جثثهم تحتها.

دير الزور أخت المحافظات السورية وشقيقة كبرى تحملت من الوجع ما لا يطاق، تقف الآن بحجابها الرصين وعباءتها الوازنة في مكاتب وزراء الحكومة وتقول لهم إنها صرخت ذات يوم (الموت ولا المذلة) فحاولوا إذلالها بكل الوسائل، ألف يوم من التجويع الممنهج، ستة آلاف يوم من القصف المدمر، حتى القدور الراسيات على المواقد العامرة سرقوها، ثم جاد نصر الله والفتح، وفتحت أبواب الوزارات أمام محافظها الذي لم يبحث عن تاريخ شخصي لمحافظ، بل لمستقبل محافظة هي الشقيقة الكبرى وبنت الخير والكرم، وسلامتها تعني سلامة الوطن.

اسماعيل النجم

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار