فن الكولاج للأطفال​: هل تعلمين كيف يطوّر الإبداع والخيال؟

فن الكولاج للأطفال ليس مجرّد نشاط يدوي بسيط، بل هو وسيلة فعالة لتطوير الدماغ وتعزيز النمو المعرفي واللغوي وتحفير المهارات الاجتماعية لدى الطفل. يُعَدّ هذا الفن من الأساليب التربوية الحديثة التي تمزج اللعب بالتعلم، وتُشرك الحواس جميعها في تجربة إبداعية متكاملة. وقد أثبتت الدراسات العلمية أنّ الفنون البصرية، ومنها الكولاج، تحفّز النمو العصبي في مناطق متعددة من الدماغ ، أظهرت نتائج التصوير العصبي أنّ الأنشطة الفنية تفعّل القشرة الجبيهة المسؤولة عن التفكير والتخطيط. كما تنشّط منطقة الحُصين المرتبطة بالذاكرة طويلة الأمد.

قبل البدء بأي نشاط، من المهم أن تشرحي لطفلكِ فكرة الكولاج بلغة يفهمها. الكولاج هو فنّ يعتمد على استخدام مواد مختلفة مثل الورق، أو القماش، أو الخيوط، أو الأزرار، أو حتى عناصر من الطبيعة مثل أوراق الأشجار. وذلك لتركيب صورة أو مشهد تعبيري على ورقة أو سطح ما.

ابدئي بالحديث عن الفكرة الأساسية: “نحن سنجمع أشياء مختلفة ونرتّبها لنصنع لوحة جميلة”. ثمّ أعطي أمثلة من الحياة اليومية، كتركيب قطع البازل أو تزيين دفتر المدرسة بالملصقات.

من المفيد أيضًا أن تستخدمي أسلوب القصة. مثلًا: “تخيّلي إننا سنصنع مدينة باستخدام أوراق ملوّنة وأقمشة.. ما رأيك أن نضع بيتًا من قماش؟ وشجرة من ورق؟”. هذا التفاعل يعزّز الخيال ويقرّب المفهوم من عقل الطفل.

ولا تنسي أن تُظهري لطفلكِ نموذجًا صغيرًا جاهزًا، فالرؤية البصرية تساعد كثيرًا على الفهم.

ما هو فن الكولاج للاطفال​ وما هي أنواعه؟ الكولاج هو فنّ بصري يعتمد على دمج عناصر غير متجانسة لتكوين عمل فني جديد. ظهر هذا الأسلوب لأول مرة في أوائل القرن العشرين مع الفنانين بيكاسو وبراك، ومنه تطوّرت مدارس فنية متعددة.

فن الكولاج للأطفال أنواع كثيرة يمكن تبسيطها كالتالي:

الكولاج الورقي: استخدام أوراق ملوّنة، ومجلات قديمة، وجرائد.

الكولاج المادي: يتضمّن لصق مواد مثل القماش، أو الخيوط، أو الرمل، الحبوب أو الأزرار.

الكولاج الرقمي: عبر تطبيقات إلكترونية تتيح للطفل تركيب صور باستخدام جهاز لوحي. وهو نوع حديث ومفيد في العصر الرقمي.

الكولاج البيئي: استخدام عناصر من الطبيعة مثل أوراق الأشجار، أو قشور الفواكه، أو أزهار مجفّفة.

فإن دمج المواد المتنوعة في النشاط الفني يحفّز الحواس المتعددة لدى الطفل. ما يساهم في بناء روابط عصبية جديدة ويدعم مهارات التنظيم البصري-الحركي.

كيف يمكن اختيار موضوع عن فن الكولاج للاطفال​ ؟ إنّ اختيار الموضوع يعتمد على عمر الطفل واهتماماته. ولكن هناك مواضيع يُفضَّل البدء بها لأنها تُعزّز التعبير الشخصي وتوسّع دائرة الإدراك.

الطبيعة: مثل صنع حديقة أو غابة، باستخدام أوراق وأزهار وألوان. هذا الموضوع يُنمي حس الملاحظة ويقرّب الطفل من البيئة.

العائلة: رسم أفراد العائلة بالورق أو القماش، ما يعزّز المفهوم الاجتماعي والانتماء.

الفضاء أو البحر: يساعد هذا النوع من الكولاج على توسيع الخيال وتحفيز الأسئلة والاكتشاف.

المشاعر: ترك الحرية للطفل للتعبير عن شعوره بلون أو صورة. وهذا مفيد في دعم الصحة النفسية.

يُظهر فن الكولاج للأطفال آثارًا إيجابية ملحوظة في مجالات متعددة، منها:

التنسيق بين العين واليد: لأن الطفل يستخدم أدوات مختلفة بدقة.

التفكير المرن وحلّ المشكلات: حيث يتعلّم كيفية ترتيب العناصر والتعامل مع محدودية المواد.

التعبير عن الذات: يساعد الكوليج الطفل على التعبير دون الحاجة للكلام. خصوصًا في حالات القلق أو الخجل.

التعاطف والمشاركة: عند العمل في مجموعات، يتعلّم الطفل احترام أفكار الآخرين ومشاركتهم.

وفي بحث أجري في جامعة هارفارد عام 2019، وُجد أن الأطفال الذين يمارسون الفنون التشكيلية بانتظام، ومن ضمنها الكوليج، يُظهرون مهارات تفكير أكثر مرونة، وقدرة أعلى على التركيز وتنظيم المشاعر.

فن الكوليج للأطفال هو أكثر من مجرّد نشاط فني. هو مساحة حرة للتعبير، ووسيلة علمية لدعم التطور الإدراكي والعاطفي. من خلاله، تستطيعين فتح نوافذ الإبداع لطفلكِ، وتقوية ثقته بنفسه دون أي ضغط أو توجيه مباشر. وفي زمن تزدحم فيه الشاشات والمشتتات، يُصبح للكوليج دور كبير في إعادة الطفل إلى عالمه الداخلي. حيث يسكن الخيال وتولد الفكرة وتكبر الأحلام. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سبب حدوث الفصول الاربعة للأطفال​.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن إدخال فن الكولج في روتين الأطفال اليومي أمر ضروري، ليس فقط لتنمية مهاراتهم الإبداعية. بل أيضًا لتعزيز قدرتهم على التركيز، التفريغ العاطفي، والتفاعل مع العالم من حولهم. أنصح كل أم بأن تمنح طفلها أدوات بسيطة، وزاوية صغيرة، وتترك له حرية الإبداع، لأن الفن أحيانًا يكون أصدق وسيلة لفهم الطفل وتربيته.

المصدر: وكالات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار