محطات ورؤى في رواية (أعشقني) للأديبة سناء الشعلان

لعل الخوض في غمار الرواية بكل أبعادها ورؤاها يتجلى في عملية صياغة الفكرة التي يستنبط منها الكاتب الحدث والحبكة ويصبها في عمق الشخصية وهذا ما وجدته في رواية للأديبة الأردنية سناء الشعلان في تعاملها مع روايتها التي وسمتها بعنوان : (أعشقني)

وكما الأدب يستنبط الحاضر ويستقرأ المستقبل كذلك فعلت سناء في روايتها فأعطت البعد الزمني حضوراً لافتاً لتؤكد سيرورة المعتقدات التي ماتزال عالقة في الفكر الذكوري رغم الاختلاف في الأفكار والرؤى إلا أن تلك المعتقدات ماتزال حاضرة ومسيطرة .

الرواية رسمت مشهداً دراميا متصاعداً حتى توصلنا الروائية للفناء، مسابقة مع الزمن لتوضح وتبين ما تؤول إليه الألفية الرابعة التي هي خارج حساباتنا كبشر ، لكنها بفعل مخيلتها جعلتنا نتابع بشغف أحداث الرواية .

تدرك سناء منذ بداية روايتها كيف تتعامل مع الشخوص والأحداث بل أنها أوسعت الرؤى لرؤاها المتفردة في صياغة المفاهيم التي ماتزال سائدة وستبقى كذلك طالما هناك عقلية التوريث ووضعت كل ذلك في زمن مختلف عمّا نحن فيه .

تلك الرؤى التي فندتها سناء في متن روايتها في ماهية العلاقات المستقبلية بمناقشة حوارية وجدانية مع الذات ومع تلك التفاصيل التي ابتعدت بها كثيراً لتخلق عالم روايتها من جديد مع تلك المخلوقات التي تجرّدت من كل المشاعر الإنسانية وحلول الروبوت في تعاملهم ، حيث نراها تناقش طبع البشر الأناني اللاإنساني رغم كل ذاك التطور ، فهو طبع يبدو عليه متجذّر لا يمكن اقتلاعه كما ذّكرتْ .

سرد جميل ذهبت بنا الروائية في تعاقب مسترسل ومتعاقب لتضعنا ضمن مخيلتها وتأخذنا بمركبات فضائية من صناعتها ليختلف علينا كل شيء ، لترينا عن كثب ما ستؤول إليه حالنا ،  ولعل ذاك جميعه يتحدث بشكل أو بأخر عن الحالة الإنسانية التي نحن عليها في زماننا مع غياب رقابة الضمير وغياب الأخلاق وسيطرة الجشع والطمع نفوس الكثيرين .

الصراع في الرواية دراماتيكي متحول بين أن أكون أو لا أكون ، في حين تبدو شمس بطلة الرواية التي غيبتها الروائية لتتسلم الشخصية الرئيسية مهام الرواية وتتحدث وتقبل بما فرضته لتبدو شخصية أخرى مختلفة ذات طباع تائهة لا تعرف من يسيطر عليها  في شخصيتها المتأرجحة .

رمادية الزمن جعلت سناء تحاكي زماننا والذي تعدّه أجمل بكثير من ذاك الزمن الافتراضي الذي سيباغتنا بعنفوانه … بقساوة كل ما فيه ، رسائل ضمنتها بطلة الرواية ،ـ في زمن المادة ، في زمن العنفوان القاسي ، في زمن آسر لكل قوانين البشر ، لكل تعاريف الدين ، لكل ما تربينا عليه ونعرفه ،  في زمن جليدي بارد تجمّدت فيه المشاعر وأصبحت بلا روح . رسائل أشارت إليها بدلالاتها ومعانيها ضمن افتراضيات وضعت قوانينها وشروطها بكل جرأة وبراعة .

النهاية المفتوحة جعلت من الرواية تثير تساؤلات عدّة عن ماهية العلاقات الإنسانية ، عن التحولات الغريبة التي تحدث في التحول من رجل لامرأة  ، الرواية بأبعادها الخمسة حملت شغف طاقة خالد في إثبات مكنونات ذاته وهي التي أحبته .

رواية حقيقة تستحق القراءة

خالد جمعة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار