ثرود اللحم الديري.. منسف الكرم
للثرود أنواع كثيرة في الدير، حدثناكم عن ثرود الباميا المميز، وليس أقل منه نكهة ثرود اللحم، وهو طبق شهي ينسي متذوقيه تعب إعداده، و يتكون من المرقة ولحم الضأن أو البقر أو الإبل أو الدجاج مع خبز الصاج وليس التنور كما في ثرود الباميا، وخبز الصاج الديري يعمل في التنور أيضا لكن بطريقة خاصة حيث يتم التحكم بالعجين ورطوبته ودرجة الحارارة ويستخدم له ظهور التنانير وليس بواطنها حتى يشم الهواء ويخرج طريا جدا ورقيقا.
يمد المنسف بالصاج، وفوقه الرز المطبوخ بمرقة اللحم ثم يكب مرق اللحم واللية فوقهما حتى يتشبعان، ويطبخ اللحم وهو الغنم أو البقر أو الإبل على الأغلب، في الريق، والدجاج في المدينة لأن الأنواع الأخرى تحتاج لقدور النحاس الكبيرة ومواقد النار القوية وهو ما لا يتوفر في المدينة.
ويتميز ثرود اللحم الديري بأنواع معروفة في بقية البلاد العربية لكن لها أسماؤها الخاصة عندنا، فالكوارع في مصر والمقادم في الشام تسمى في الدير الكراعين، والمنابير تسمى المصارين، وهناك معدة الخروف الخشنة التي تحشى بالرز والصنوبر واللية وتخاط بالخيط كاللباس وتسمى الكرشة، ويطبخ الرأس على حاله كي يوضع فيما بعد أعلى المنسف ويقوم كبير العائلة بكسره وتوزيع قطع النخاع على الأفراد، ويضاف لكل هذا، الكثير من اللية، واللسانات، وبعد تقطيع الخروف يوضع اللحم بعظمه معها في قدور نحاس كبيرة على نار قوية جدا، بعدما تضاف التوابل إلى المرقة الصفراء، ثم يفرش كل هذا فوق الرز والصاج وفوقه رأس الغنم أو البقر أو الإبل.
يوصف ثرود اللحم الديري بمنسف الكرم، لأن الديريين وخصوصا أهل الريف يتباهون بكرمهم عن طريقه، فمنهم من يصنع عشرات القدور ويذبح عشرات الخرفان، ومنهم من ذوي القدرة من يعمل مئات القدور التي تمتد على مدى النظر، وهذه وحتى في حالة القدور القليلة التي تعمل باثنين أو ثلاث من الغنم، فإن الرجال هم الطباخون وليس النساء، وهم (المعزبون) أي من يقوم على ضيافة الضيفان، أما النساء فلهم مجالسهم الخاصة بهم، ولا يجوز أن يحضروا موائد الرجال، ولا الأطفال أيضا فهم مع النساء، كما لا يجوز الأكل بالملاعق، ولا باليد اليسرى، لكن هذه العادات في الريف فقط، أما أهل مدينة دير الزور، فيأكلونه بالطريقة العادية دون أي طقوس ومثل أي طعام عائلي بالصحون والملاعق كأسرة تتناول طعاما اعتياديا ومن يقوم بالطبخ في المدينة النساء وهم (المعزبات) أي هم من يقمن بالضيافة للضيوف.
