دواوين دير الزور.. نواة المراكز الثقافية والمنتديات الاجتماعية

 

كانت الدواوين منتديات أو صالونات اجتماعية ثقافية بامتياز، تدار بأرقى الطرق والديوان لغةً هو: مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ، والكِتابُ يُكْتَبُ فيه أهلُ الجَيْشِ وأهْلُ العَطِيَّةِ

الديوان هو مكان الاجتماع لفصل الدعاوي والنظر فيها، والنظر في أمور الدولة، وفي كل وزارة ديوان يجمع موظفيها.

والديوان كما يعرّفه الباحث عبد القادر عياش: مجمع القوم وندوتهم أو ناديهم، ودواوين الديريين بهذا المعنى يجتمع فيها الناس للسمر، ويسمى السًّمر عندنا التعليلة جمعها تعاليل، وصار هذا اللفظ يطلق على الديوان، وتعلل بمعنى سهر مع جماعته، غير أن المشتهر هو لفظة الديوان.

يتألف الديوان من كراسي خشبية تغطى بالوسائد والسجاد، والأغنياء جهزوا غرف استقبال عصرية وبنوا مجمراً يدفئ الديوان والبعض يستعمل مدفأة الحطب أو المازوت، والبعض الآخر يضع الموقد وهو حفرة في وسط الغرفة أو في صدرها يوقد بالحطب وحوله دلال القهوة أباريق القهوة وهي مجموعتان إما ستة أو اثنتا عشرة دلة، ويقدم في الديوان النارجيلة الأركيلة وسجائر التبغ، وبعض أصحاب الدواوين كانوا يولمون لزوارهم الولائم، ويذبحون لهم الذبائح وكان يرد الديوان الموظفون والشعراء وأصحاب العتابا فكانت الصالونات الأدبية في زمانها، وإن تطور الحياة الاجتماعية ووجود دور السينما والمقاهي لعب دوراً رئيسياً في عزوف الناس عن الديوان في القرن الماضي، وكذلك موت أغلب أصحاب الدواوين وعدم استمرارية الأبناء فيما خطه الآباء.

أما أسماء الدواوين التي كانت مفتوحة في دير الزور فقد كانت الدواوين تعرف بأسماء أصحابها، ومن أصحاب الدواوين في مدينتنا: فرحان الفياض، أحمد بك العبد العزيز، عبود الحسن، منديل الأسعد، حسن المرعي، شباط المحيمد، موسى الحاج، إبراهيم الخلف، يوسف راجي الدليمي، عبد الرحمن المرعي، حاج معجون المدلج، موسى المحيمد، هادي الهدهد، كداوي النجم، حسن الطه، المفتي محمد الملا مصطفى، طه الملا فتيح، ويس الكرماني، محيمد المشرف، شلاش المنديل، محمد الحطاب، محمد العليوي، عبد الله الحطاب، حميدي السعيد، محمد العاروض، محمد النويصر، عيد السخني، محمد العياش، محمد سيد حوكان، عياش الحاج، حسن المحمد، حسن المشهور، فنوش العبود، عكلة الخليفة، بشير العياش، جاسم العلوني، صالح الفرحان الفياض وهو مفتوح إلى يومنا هذا، علي السيد، أحمد الجنيد، صالح الحمود، خلوف العبد الحميد، عبد العزيز بشار، سليمان الجاسم العاشور.

كما يعرف الباحث عمر صليبي الديوان بأنه: مقر لاجتماع الناس لفض المنازعات والضيافة والسمر والمناقشات الفكرية والأدبية التي كانت تبدأ منذ العصر، وتستمر حتى ما بعد صلاة العشاء، وكان الديوان على أنواع منها ما هو لقضاء الوقت، ومنه لتدارس الواقع الاجتماعي والمناقشات الفكرية وفي كلتا الحالين كانت القهوة تقدم فيه للضيوف، أما ديوان الضيافة فيقدم فيه الطعام، ويؤمن النوم للغرباء

وعن دواوين البادية والريف، فإن لكل شيخ عشيرة ومختار قرية ديوان خاص به وقد يكون لبعض الدواوين دور تخصصي، كديوان العارفة والعارفة قاض شعبي يحكم بالعرف المستمد من التشريع الإسلامي في ريفنا، لذا فديوان العارفة له خصوصية عن غيره من الدواوين فهو بالدرجة الأولى مكان لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر سواء بين الأفراد أو الجماعات المختلفة فيما بينها.

كما يقوم الديوان بدور الفندق، إذ يستضيف صاحب الديوان الغرباء الوافدين للقرية للنوم والراحة فيه ، فهي تستخدم كنزل للغرباء بعد أن ينفض الأهالي من الديوان، يترك الضيف ليخلد للراحة والنوم في الديوان، كأن يأتي للقرية معلم وافد من منطقة بعيدة، أو أحد أصحاب المهن الذي يأتي لأيام قليلة بغرض العمل الموسمي

وتعتبر الدواوين صالونات أدبية بامتياز إذ تعزف فيها الموسيقا، ويقال فيها الشعر، كما يوضحها المرحوم الباحث عبد القادر عياش بقوله: كان الشعراء العاميون من البلد أو من نجد أو من غيرها، يقصدون أصحاب هذه الدواوين، وينشدونهم شعرهم في مدحهم بمصاحبة الربابة أو بغيرها.

اسماعيل النجم

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار