يتقن الكثير من الموهوبين الرسم، وهم قادرون على التحدث عن موهبتهم، ولكن القليلين جداً هم من يتحدث رسمهم عنهم.
رويدة أحمد الأحمد شابة من ريف البوكمال من مواليد عام 1999 هي من هؤلاء الذين تتكلم لوحاتهم نيابة عنهم، فهي ولدت صماء وبكماء، ولم يمنعها هذا من العمل بكل جهد ودأب في صقل موهبتها بالرسم كي يكون لسانها الذي تخاطب به الناس.
كان حوار الفرات معها عبر الورقة والقلم وكتبت تقول: (بعدما اتممت عامي الأول والثاني كان أهلي بانتظار سماع صوتي، وعندما طال انتظارهم ولم انطق بدأوا بالذهاب بي إلى أحد الاطباء في محافظة دير الزور لأبدأ بالعلاج.
وفي الرابعة من عمري حدد مركز تخطيط السمع ضرورة ارتداء سماعة للصم ولكنها لم تكن متوفرة بالنسبة لنا وقتها، وعندما بلغت السادسة من عمري دخلت المدرسة ودخلت الصف الأول الابتدائي وكان جميع المعلمين في مدرستي يتعاطفون معي إلى أن أتممت المرحلة الابتدائية، ولم أستكمل رحلتي الدراسية بسبب عبئي على المعلمين وبسبب تنمر بعض زملائي علي).
وليست رويدة من الشابات اللواتي يدمر التنمر حياتهن، إنها من النوع الذي تجعله المأساة قويا ومثابرا كي يتغلب عليها، كتبت لنا تقول: (بدأت والدتي مشروع الخياطة ،وشعرت برغبتي لمشاركتها لملء وقتي الذي بات فارغاً بعد انقطاعي عن الدراسة، وتحت إشراف أمي تعلمت الخياطة إلى أن بدأت الحرب ولجأنا إلى العاصمة دمشق وبدأ أهلي بتشجيعي على إكمال مهنة الخياطة وشاركت بمركز (بيتنا للتدريب)، وفي نهاية الدورة منحوني آلة خياطة وبدأت بالخياطة اولاً ثم حصلت على شهادة دولية من مركز الجامعة للعلوم التطبيقية)
لم تكتف رويدة بهذا، فالفنانة في داخلها كانت تأبى إلا الظهور، ووجدت في وسائل التواصل ضالتها، كتبت رويدة تقول: ( بدأت بالدخول الى مواقع التواصل الاجتماعي، ولفت انتباهي الرسم والفنون التشكيلية وبدأت أساعد اخوتي برسم مشاريع مدراسهم، وعند عودتهم من المدرسة كانوا يخبروني بمدى إعجاب معلميهم بجمال الرسم الذي أرسمه وأصبحت أرسم لوحاتي وأزين بها غرفتي وخلال فترة الحظر بسبب وباء الكورونا استغليت الوقت في إتقان الرسم أكثر فأكثر، وكانت أول فرصة لي عندما رأيت إعلان عدة مسابقات رسم على الفيس بوك فشاركت بها إلى ان فزت بأحدها وحصلت على اول جائزة.
وبدها صار الرسم كل حياتي وبه أعبر عن أغلب مشاعري وأفكاري وهكذا بدأت رحلتي لأشارك في معهد الدكتور عدنان حميدة للفنون التشكيلية ومركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلة.
وقدمت معارض مع زملائي منها معرض في محافظة السويداء ومعرض في مركز الثقافي بدمشق.
وأيضا معرض ثالث في نفس المركز الثقافي مع فريق التكاتف التطوعي لرسم لوحات ملأناها بالحب والاتقان، وظهرت انا واختي تسنيم بمقابلة تلفزيونية على قناة سوريا دراما تحدث خلالها اختي ولوحاتي عني).
هذه هي رويدة، مثال لعدم الاستسلام، رغم تعرضها للتنمر، ورغم خسارتها لمدرستها، قارعت مدرسة الحياة الكبيرة بطفولتها وفنها كي تكون واحدة من اللواتي تنحني لهن الهامات، وتختم رويدة كلامها بالشكر لمن ساندوها فكتبت تقول:
(أشكر مركز الدكتور عدنان حميدة للفنون التشكيلية الذي شجعني على مواصلة طريقي وأشكر مركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية، وأشكر معلمتي التي هي بمثابة امي الآنسة ضحى الجباوي وأشكر قناة سوريا دراما على حسن الضيافة، وأشكر عائلتي الكريمة التي ساندتني للوصول إلى هذا المستوى وأخيراً أشكر أختي الصغيرة تسنيم التي هي جزء مني والتي هي سمعي ونطقي لإيصال فكرتي للمجتمع).
مساعد العلي