استعرض المفكر السوري الفراتي الدكتور عدنان العويد ما سماه (أوهام الكهف) حسب قناعاته الشخصية في محاضرة أقيمت باتحاد كتاب دير الزور، تطرق فيها إلى ما يدعى كهوف العقل حسب رأيه، مهد لها بالأساس الفلسفي من كهف أفلاطون قائلا: (كان أفلاطون في فلسفته التي فتحت في لحظتها أسئلة فكر جديد عن الحقيقة والخير والمُثُل، سجناً للفكر الإنساني، يشبه تماماً الكهف الذي شبَّه به أفلاطون نفسه عالم الواقع والإدراك للحقيقة، أما الكهف في النص القرآني واقع الناس لا يظل على حالة واحدة, بل هو في تغير وتبدل مستمرين، وعلى هذا الأساس نستطيع القول: إن قصة الكهف تمنحنا القدرة على كشف الكثير من الكهوف السلبيّة في حياتنا الفكريّة والاجتماعيّة والدينيّة والسياسيّة والثقافيّة والأخلاقيّة وغيرها في تاريخ حياتنا المعاصرة).
و اعتبر المحاضر أن هناك ما سماه ( كهف فلسفة اللاهوت) فقال العويد حسب رأيه : (إن كهف اللاهوت هنا يعمل على إلغاء دور الإنسان وقدراته على تحقيق مصيره بنفسه, فهو مخلوق لله وشريعته فقط, وأي خروج عن تعاليم الدين ورسم حلول لخلاص الإنسان وتحقيق معارفه من خارج النص الديني هي خيانة لهذا النص وعدم الايمان به).
ثم تكلم المحاضر عما أسماه (كهف التصوف) حسب رأيه قائلا: (يرتبط المبدأ الأساس للتصوف بفلسفة اللاهوت إلى حد كبير, على اعتبار أن فهم الحياة والنفس البشرية ينطلق من الدين أو العقيدة. فالمبدأ الأساس للصوفية, هو أن تعاليم الدين تدل على إمكانيّة الوصول إلى الله عن طريق تجربة شخصيّة ذاتيّة هي التي تؤدي إلى المعرفة الحق المطلقة, من دون الاعتماد على الفلسفة العقليّة).
واستمر المحاضر بعرض رؤيته الشخصية فتحدث عن (كهف السلفيّة الدينيّة و السلفيّة المعاصرة) قائلاً : (كهف السلفية الدينيّة تيار فكريّ وسلوكيّ يعتقد دعاته أن الماضي (الفردوس المفقود), هو المنطلق الوجوديّ والمعرفي لكل ما هو تالٍ وكهف السلفيّة المعاصرة سلفيّة وضعيّة, يعتقد دعاتها أن مجتمع ما أو حكومة ما أو نظام إنتاج ما وعلاقاته, أو مرحلة تاريخيّة ما من مراحل التاريخ, هي نهاية التاريخ وحدوده القصوى.
وختم العويد محاضرته بالقول حسب رأيه الشخصي دائما: (علينا أن لا ننكر دور الفرد في التاريخ وبناء حياة الدولة والمجتمع عندما يكون هذا الفرد المتميز في مواقع السلطة, ولكن ليس الفرد السوبرمان.. فرد نيتشه الذي يقود إلى عالم النازيّة والفاشيّة, بل الفرد الذي يؤمن بقضايا شعبه, ويومن بالشعب ومكانته وما يقرره لحياته في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة ،ـ إن مشكلة تاريخ المجتمعات البشريّة ليست مع الفرد المتميز في التاريخ, بل مع الانتهازيين والوصوليين والمطبلين والمزمرين لهذا للفرد الذين يسعون إلى تحويله من فرد قائد متميز إلى فرد صمداني مقدس).
خالد جمعة