ذكرت صحيفة ذا هيل الأميركية أن العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على روسيا بحجة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا أوقعت هذه الدول في فخ وخلقت مشاكل خطيرة لأولئك الذين فرضوها.
وأوضحت الصحيفة في مقال حمل عنوان “لماذا لن تنفع العقوبات على روسيا” أن عقوبات دول الغرب وتصعيدها المواجهة مع روسيا وما تسبب به ذلك من ارتفاع لأسعار السلع الأساسية ورفع اسعار الطاقة في العالم كل ذلك تحول إلى مصادر أعلى للموارد بالنسبة لموسكو على الرغم من تراجع صادراتها مشيرة إلى أن ارتفاع الاسعار والتضخم سيؤدي فقط إلى إثارة مشاكل سياسية لمن يقف وراء العقوبات في بلدانهم نفسها.
وتابعت الصحيفة إنه وعلى الرغم من تعمد الغرب إبعاد روسيا وقطعها عن “الشرايين المالية” في العالم فإن الروبل الروسي تنامت قيمته وتعافى بشكل كبير من خلال التدخل الحكومي فيما اليابان على سبيل المثال تدفع ثمن السير خلف الولايات المتحدة بشأن روسيا حيث تراجع الين الذي يعتبر ثالث عملة تداولاً على مستوى العالم إلى أقل مستوى خلال عشرين عاما مقابل الدولار.
وفي الوقت نفسه يهدد التضخم الجامح واضطرابات سلسلة التوريد أرباح الشركات الغربية وفق الصحيفة في حين أن لجوء دول الغرب لرفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم يجعل الوضع السيئء للمستهلكين أسوأ مع مشاكل اقتصادية كبيرة تلوح في الأفق .. وقد أصبح شهر نيسان الماضي هو أسوأ شهر بالنسبة لبورصة وول ستريت منذ تفشي وباء كورونا في آذار من عام 2020 كما انخفض مؤشر “ستاندارد ان بورز 500 ” بنسبة 8ر8 في المئة في هذا الشهر.
وقالت الصحيفة: للمفارقة فإنه وخلال الشهرين الأولين من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ساعد أولئك الذين فرضوا العقوبات روسيا على مضاعفة إيراداتها تقريبا إلى حوالي 62 مليار يورو من بيع الوقود الأحفوري لهم وذلك بحسب تقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف ومركزه فنلندا.. وباستثناء الصين فقد كان أكبر 18 مستورداً لهذا
الوقود هم من يفرضون العقوبات على روسيا حيث شكل الاتحاد الأوروبي وحده 71 في المئة من مشتري الوقود الروسي في هذه الفترة.
وأضافت إنه وفيما لا تزال كوريا الجنوبية واليابان وتركيا تعتمد أيضاً على إمدادات الطاقة الروسية فقد بلغ إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز والنفط والفحم من روسيا حوالي 44 مليار يورو في فترة الشهرين الماضيين مقارنة بنحو 140 مليار يورو لعام 2021 بأكمله.
وبينت الصحيفة أن روسيا حتى مع تضرر اقتصادها من العقوبات الغربية تقوم بواجبها في الحفاظ على ارتفاع أسعار الطاقة والسلع العالمية ويمكن لموسكو أن ترفع الأسعار أكثر من خلال العقوبات المضادة الأوسع نطاقاً.
وتابعت: في حقيقة الامر تعتبر روسيا أغنى دولة في العالم عندما يتعلق الأمر بالموارد الطبيعية بما في ذلك كونها من بين أكبر مصدري العالم للغاز الطبيعي واليورانيوم والنيكل والنفط والفحم والألمنيوم والنحاس والقمح والأسمدة والمعادن الثمينة مثل البلاديوم وهو أغلى من الذهب.
وأشارت ذا هيل إلى أن دول الغرب ومن خلال عقوباتها كانت تسعى لتوجيه “ضربة صادم” إلى روسيا إلا أن العقوبات وكما هو معروف لا يمكن التنبؤ بنتائجها وقد تتسبب بعواقب غير مرغوب بها موضحة أن محاولة الضغط ومحاصرة دولة كبرى ذات قوة نووية كروسيا من خلال عقوبات قاسية أمر محفوف بالمخاطر ولا سيما مع ضخ دول الغرب للأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا وتأمين الولايات المتحدة المعلومات الاستخباراتية على الأرض ضد روسيا.
وأضافت الصحيفة إن الرئيس الأميركي جو بايدن ومع تواصل الحرب في أوكرانيا زاد من تورط بلاده فيها ما جعل الجدل يتنامى داخل الولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت العقوبات ستؤدي إلى إضعاف روسيا أو أن تؤدي امدادات الأسلحة السخية من واشنطن لكييف بإعاقة الجيش الروسي في صراع طويل الأمد وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى نتيجة عكسية ويزيد من قوة روسيا وحزمها العسكري.
وأشارت ذا هيل إلى أن استمرار الصراع في أوكرانيا لسنوات كما تنبأ بايدن سيؤدي إلى تعميق الآثار المترتبة عن العقوبات من أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة واتساع الانقسامات في المعسكر الغربي واستنزاف أوكرانيا ولن يكون أمام الغرب في النهاية من خيار سوى التفاوض مع موسكو لإنهاء الصراع ومثل هذه المفاوضات حيوية لوقف تدمير أوكرانيا وتجنيب أوروبا من دفع الثمن الرئيسي.