أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن سورية رفضت مشروع القرار المقدم للجمعية العامة حول تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان لأنه ينطوي على حالة خطيرة من العدائية ولأنه يعزز هيمنة دول غربية على المجلس وفرض رؤيتها ومعاييرها في مجال حقوق الإنسان واستخدامها أداة للضغط السياسي واستهداف دول بعينها.
وأشار صباغ في بيان اليوم خلال استئناف الدورة الطارئة للجمعية العامة حول مشروع قرار تعليق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان إلى أن هذا المنبر الدولي يشهد مجدداً استغلالاً لمسائل حقوق الإنسان لخدمة المصالح السياسية الضيقة لبعض الدول وخلق حالة استقطاب وتسييس لاستهداف الاتحاد الروسي بذريعة التعامل مع الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا مؤكداً حرص سورية على ضمان احترام حقوق الإنسان وأهمية تقديم المساعدة الإنسانية الضرورية لجميع مناطق الأزمات ورفضها في الوقت ذاته أي تسييس للمسائل الإنسانية وتشديدها على أهمية اعتماد مبادئ الحياد والموضوعية وعدم التمييز في قضايا حقوق الإنسان.
ولفت صباغ إلى أن هذا التحرك الغربي المنسق للتشهير بالاتحاد الروسي لا علاقة له بحقوق الإنسان في أوكرانيا أو في أي مكان آخر بل يندرج في إطار سعي دول غربية لفرض هيمنتها وسيطرتها على العالم من خلال محاصرة روسيا ومعاقبتها على سياستها الخارجية المستقلة مبيناً أنه عندما دمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها مدينة الرقة وقتلت آلاف السوريين لم نر هذا الحشد السياسي والإعلامي الدولي لفضح منتهكي حقوق الإنسان.
وأوضح صباغ أن قرار الجمعية العامة المنشئ لمجلس حقوق الإنسان أكد على أن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة وأنه يتعين معاملة جميع حقوق الإنسان معاملة منصفة وعادلة وعلى قدم المساواة وبالقدر نفسه من الاهتمام إلا أن الممارسة العملية التي شهدناها منذ إنشاء المجلس حتى الآن تثبت تبني بعض الدول الغربية التسييس والانتقائية والمعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان حيث تركز على حالات دول بعينها بما يخدم أجنداتها السياسية وفي الوقت ذاته تغض الطرف عن حالات أخرى تم فيها ارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان على مرأى ومسمع العالم أجمع وما يتعرض له الشعب الفلسطيني على مدى عقود على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أوضح دليل على ذلك.
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن المثال الآخر على نفاق تلك الدول هو تجاهلها لحقوق وأمن وسلامة المدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء في منطقة دونباس الذين تعرضوا لحملة عدائية أوكرانية ممنهجة وقصف مستمر لسنوات ورغم ذلك لم نشهد مثل هذا التحرك الغربي من أجل حمايتهم والدفاع عن حقوقهم.
وأكد صباغ أن تذرع الساعين وراء هذا التحرك بنص الفقرة الثامنة من قرار إنشاء مجلس حقوق الإنسان يثير قلقاً جدياً حول ماهية القرائن التي تم الاستناد إليها في الحديث عن ارتكاب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان ومدى مصداقية المصادر التي تم الاعتماد عليها والآليات الدولية المحايدة التي أكدت وقوع مثل تلك الانتهاكات وحددت هوية مرتكبيها مشيراً إلى أن إطلاق بعض الدول اتهامات والترويج لها عبر دعاية مضللة من خلال نشر صور وفيديوهات مجهولة المصدر والمكان ونشرها عبر المصادر المفتوحة لا يمكن أن يكون أساساً متيناً لاتخاذ الجمعية العامة قراراً بشأنها.
وأوضح صباغ أنه مثلما حدث في سورية خلال سنوات الحرب الإرهابية فإن جلسات مجلس الأمن والجمعية العامة يجب أن تسبقها دائماً مسرحيات واستفزازات وهو ما نشهده الآن في الحالة الأوكرانية لتبرير القرارات التي تخطط الدول الغربية والمعادية لاتخاذها باسم شرعيتهم الدولية المزعومة.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن مشروع القرار المعروض على الجمعية العامة ينطوي على حالة خطيرة من العدائية ومثال واضح على انتهاج سياسة الإقصاء التي طالما حذرت منها سورية لأن تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان سيكون له تأثير سلبي على حالة التوازن فيه وعلى عالميته وفاعلية دوره وسيعزز هذا التعليق هيمنة مجموعة من الدول الغربية على هذا الجهاز المهم وفرض رؤيتها ومعاييرها في مجال حقوق الإنسان واستخدامها أداة للضغط السياسي واستهداف دول بعينها.
وقال صباغ: إن سورية وانطلاقاً من موقفها الثابت والراسخ في رفض جميع محاولات تسييس حقوق الإنسان والتلاعب بها صوتت ضد مشروع القرار وهي تدعو إلى النأي بمواضيع حقوق الإنسان عن أي اعتبارات سياسية ورفض سياسة المعايير المزدوجة وإذا أرادت دولنا استمرار وبقاء الأمم المتحدة فعلينا جميعا أن نقول: لا لمثل هذه القرارات وإذا كنا أكثر صراحة وشفافية فإننا نرى في مثل هذه الممارسات تهديداً لوجود منظومة الأمم المتحدة ذاتها.
وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حيث أيد القرار 93 عضواً مقابل معارضة 24 وامتناع 58 عن التصويت.