الشبل: سورية تدعم العملية العسكرية الروسية الخاصة في دونباس

أكدت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية لونا الشبل أن سورية وبحكم العلاقة الوثيقة التي تربطها مع روسيا ومنذ سنوات على اطلاع حول قضية أوكرانيا وخاصة أن الحرب على سورية لم تكن فقط تستهدف سورية بل كانت تستهدف روسيا وبالتالي الوضع الذي نحن فيه الآن على اطلاع بشكل شبة دقيق به.

وقالت الشبل في حوار مع قناة روسيا اليوم : من هنا أستطيع القول إن روسيا فعلاً لم تترك أي وسيلة لتجنب ما حصل إلا وحاولت القيام به وروسيا تعرف بأن أي حرب لها تكلفة والتكلفة باهظة الثمن وبالتالي من غير المنطقي أن تسعى إلى حرب ولذلك فإن السؤال، كيف فرضت هذه الحرب على روسيا لأنها بالفعل لم تسع إليها بل فرضت عليها وإذا أردنا أن ننظر إلى سياق الأحداث فقط خلال الثماني سنوات الأخيرة فهي نظرة ليست قاصرة ولكن ليست كاملة للقضية، إذا كنا نريد أن نعرف لماذا وصلنا إلى هنا يجب أن نعود إلى التسعينيات، إلى اللقاء التاريخي الذي جمع جورج بوش الأب و المستشار الألماني هيلموت كول والرئيس السوفييتي حينها ميخائيل غورباتشوف، كانت هناك تعهدات واضحة من الغرب بعدم تمدد الناتو شرقاً.

وتابعت: في الحقيقة ما حصل بعدها وكأن الناتو لم يعد لديه وظيفة إلا التمدد شرقاً وعلى الرغم من ذلك بقيت روسيا تحاول سياسة ضبط النفس وسياسة الاحتواء إلى أن وصلنا إلى عام 2004 والكل يعلم ما حصل وصولاً إلى عام 2014 وما بينها كل هذه المحطات ما حصل من تفجيرات وأحداث إرهابية طالت الداخل في موسكو كل ذلك وكانت روسيا تحاول ضبط النفس وكانت تعلم أن الغرب وأمريكا هم وراء ما يجري ويقومون بتأجيج الأوضاع سواء في الداخل الروسي أو في أوكرانيا.

وقالت: رغم كل ذلك على مدى كل هذه العقود لم تتحدث روسيا ولا مرة واحدة عن الغرب وأمريكا كعدو، تحدثت دائما عن أنهم شركاء، الشركاء الغربيون حتى في لغتها الدبلوماسية لذلك بالمقابل لم تتعامل أمريكا والغرب مع روسيا إلا كعدو، لقد طلب من روسيا أن تصمت وأن يكون لديها جارة مناهضة لسياساتها عضو في حلف الناتو ونووية لأنها كانت تسعى وأعلنت أنها ستسعى لامتلاك سلاح نووي.

وأكدت الشبل أن سورية تقف إلى جانب روسيا في عمليتها العسكرية لأنه لا يمكن لدولة أن يهدد أمنها القومي أن تبقى ساكتة ومكتوفة الأيدي.

وأوضحت الشبل أن الدول التي قتلت الملايين بحروبها منذ حرب الكوريتين وصولاً إلى فيتنام وأفغانستان وصولاً إلى العراق وأخيراً الآن في سورية وعملائها في أوكرانيا هذه الأيام وكل ما قامت به من تفجيرات وزعزعة الاستقرار الدولي في دول متعددة من العالم.. لا يحق لهذه الدول على الإطلاق الحديث لا بالقوانين ولا بالشرعية الدولية لأنها هي من تقوم بخرقها وضربها عرض الحائط.

وقالت: أمريكا نفسها احتلت العراق وقفزت فوق مجلس الأمن والشرعية الدولية وفوق كل القوانين، هذه الدول امتهنت خرق هذه القوانين فكيف لها أن تتحدث بخصوصها، في كل الأحوال الدول الغربية ومنذ عقود حولت هذا العالم إلى غابة وقانون الغاب يعني أن البقاء للأقوى والبقاء للأقوى يعني أن روسيا يحق لها حماية أمنها القومي.

وحول العقوبات الغربية ضد روسيا قالت الشبل: إن الغرب يحاول من خلال هذه الإجراءات الوصول إلى نقطتين متقاطعتين بالنسبة لروسيا ولغير روسيا، النقطة الأولى هي أن هناك حدوداً سواء لروسيا أو لغير روسيا ويجب أن تفهم الدول أن كل دولة لها حدود يجب ألا تتخطاها، من قبل الغرب بالعموم ومن ثم أمريكا بمعنى أنه يجب إشعار هذه الدول بأنها إما أن تكون خاضعة أو تكون مرتهنة أو تكون إمعة وإلا فهناك سيف العقوبات المسلط عليها.

وأضافت: النقطة الثانية تتمثل بمحاولة إشعار الشعب الروسي كما حاولت إشعار الشعب السوري كما تحاول إشعار معظم الشعوب بأنه لا يمكن لها أن تعيش بلا الغرب ومن دون حنية الغرب، هناك من حاول إقناعنا على مدى ثلاثة عقود سابقة بأن كل العالم هو الغرب وليس هناك نصف أو ثلثا عالم آخر موجود يعيش ويحاول أن يكون بكرامة.

وتابعت الشبل: بالمقابل الجميل والجيد أن معركة العقوبات هي معركة يائسة لأن العالم في هذه النقطة تحديداً تغير، روسيا والصين وسورية تغيرت، وعلى سبيل المثال سورية دولة محاصرة الآن، واستطعنا أن نعيش دون الغرب لأن هناك اقتصادات ناشئة وتحولا في هذا المفهوم، بالنتيجة نستطيع كسر هذا الحصار والالتفاف عليه لأن الفكرة التي زرعوها في أذهاننا أنه لا يمكن لنا العيش دون الغرب ودون رأيه هي فكرة خاطئة تماماً.. هذه العقوبات نعم ستزعج روسيا وكل دولة ستعاقب ستنزعج.

وأضافت: لكن السؤال، من سينزعج أكثر؟ من سيتألم أكثر؟ الغرب أم روسيا؟ على سبيل المثال الآن تم حظر الطيران الروسي عن كل الاتحاد الأوروبي وبالمقابل روسيا حظرت كل الطيران الذي حظرها عن أجوائه، ومن حيث المساحة روسيا أكبر دولة في العالم عندما تحظر كل الطيران عن أجوائها فالمتضرر هو من حظر عن أجوائها وليس العكس، وذلك يذكرنا بمثل بريطاني طالما بريطانيا جزء أساسي من هذه الهيستيريا التي نسمعها ضد روسيا يقول: أقطع أنفي نكاية بوجهي وهو ما يقوم به الغرب الآن ضمن هذه العقوبات.

وحول الحرب الإعلامية ضد روسيا قالت الشبل: عندما يصل الغرب إلى الشيطنة فهذا يعني أنه أفلس ويخشى الحقيقة لذلك يبدأ بالشيطنة ويبدأ بالحظر ويبدأ بإنزالكم عن الأقمار وحظركم عن وسائل التواصل الاجتماعي لأنه فعلياً تعود على الكذب وكما قال الرئيس بوتين إنه أصبح إمبراطورية الكذب، هذا التشويه أو الشيطنة لخلق عالم افتراضي لنعيش جميعاً فيه كما يريده الغرب وهذه هي الصورة وخاصة أعداء الغرب كي يصلوا إلى الهزيمة النفسية، أما عن نقطة اللاعودة مع الغرب فعادة في السياسة ليس هناك نقطة لا عودة، العودة دائما تحصل عندما ينتصر أحد الطرفين وبالتالي عندما ستنتصر روسيا ستشاهدين الغرب يأتي مهرولا وليس عائداً إلى روسيا وهذا ما حصل في الحرب العالمية، كان الجميع مع النازية ولكن عندما بدأت روسيا بالاقتراب من النصر انقلبوا وأتوا إلى روسيا لمشاركتها هذا النصر لذلك نقطة اللاعودة متعلقة بانتصار روسيا حصراً.

وأكدت الشبل أن روسيا لم تقل ولا مرة إنها تريد الدخول إلى أوكرانيا واحتلالها وهي دخلت لحماية إقليم دونباس ولحماية أمنها القومي وعندما تتحقق هذه الأهداف ستخرج روسيا بكل تأكيد وقالت: لذلك برأيي فإن موافقة روسيا على المفاوضات بشأن اوكرانيا فيها ليونة ومرونة وتفتح الباب أمام هؤلاء للنزول عن الشجرة.

وحول تشابه سيناريو دعم الغرب للمتطرفين في أوكرانيا بالسلاح مع سيناريو دعمهم في سورية قالت الشبل: بالتأكيد هو متطابق وليس فقط مشابهاً لأن السيد والخصم والأدوات والتكتيك والاستراتيجيات هي نفسها ولكن الفارق فقط هو التسميات، يعني لديكم موجود نازيون جدد ولدينا هناك إرهابيون وهم حركوا الإرهابيين في روسيا قبل سورية منذ الشيشان مرتين وأحداث مدرسة “بسلان” وعندما فشلوا استمروا في سيناريو الإرهابيين إلى دولنا العربية وقلبوا هذا المسمى للنازيين الجدد لدى روسيا.

وأضافت الشبل: بالنتيجة الكل يشبه بعضه، حتى السيارات المحملة بالقذائف التي نراها بالإعلام الروسي حالياً هي نفسها التي شاهدناها في سورية للإرهابيين، وقلت في بداية حديثي إن المعركة في سورية لم تكن فقط تستهدفها بل تستهدف سورية وروسيا.

ورداً على سؤال حول كيف يمكن فهم دعم الغرب وأمريكا للنازيين وهي التي تجاهر بالعداء لهم وأوجه الشبه بين النازيين والإرهابيين، قالت الشبل: أمريكا تجاهر لكنها تكذب، المجاهرة شيء والحقيقة شيء آخر فلو عدنا إلى نشأة النازية في عشرينيات القرن الماضي نجد أنه نفسها في التوقيت نفسه نشأة الإخوان المسلمين في مصر، بقي الغرب يدعم الاثنين معاً إلى أن اضطر شكلا إلى التخلي عن دعم النازية عندما لاحظ نصر روسيا وبالتالي استمر بدعم الإرهابيين والنازيين إلى يومنا هذا لكن بمسميات أخرى كالحركات القومية وما إلى ذلك، باختصار السياسات القذرة بحاجة إلى ادوات قذرة وبناء على ذلك نجد أن التطرف والارهاب والنازيين الجدد والنازية كمفهوم هما متطابقان بشكل كامل والغرب يدعم الاثنين معاً.

وأضافت الشبل حول تأثير ما يجري في أوكرانيا على الوضع في سورية: أنه من الصعب التكهن الآن عن كيفية التأثير لكن علاقات الدول ومصالحها هي كتلة واحدة أو لنقل لا يمكن أن تأخذ بشكل منفصل يجب أن ننظر إلى النتائج والنتائج تقول إذا حليفك انتصر فأنت انتصرت وإذا حليفك خرج من هذه الأزمة أقوى، طبعاً هو قوي لكن بعد تحصين الأمن القومي فأنت ستكون أقوى، لكن بالطبع هناك خسارة في مجال وربح في آخر والأهم أن ننظر إلى الصورة الكبرى وهذا ما حصل معنا في سورية عندما هدد أمننا القومي لم ننظر كثيراً إلى الخسائر الاقتصادية لأنه ستكون هناك خسائر اقتصادية.

وتابعت: لم يكن الموضوع هو الدولار بل كان الأهداف الكبرى والتي هي بحاجة أثمان وتضحيات كبرى وسورية ضحت بدمائها وبجرحاها وهذه الدماء قطعاً لم تذهب هدراً، الأهداف الكبرى بحاجة إلى هذه الأثمان والأهداف التي تخوضها روسيا هي مشابهة جداً للأهداف التي خضنا من أجلها حربنا، مستقبل آمن للأجيال ودولة قوية محمية ومصونة.

وقالت الشبل: إن المعركة في سورية ليست منعزلة عما يدور حولها في العالم وهي فعلياً جزء من كل ما يجري في العالم وهي جزء تحديداً الآن مرتبط بشكل أو بآخر بما يدور في أوكرانيا باعتبار أن المخطط واحد والأهداف واحدة وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تأثير لهذه التحركات أو مخططات التحركات لكن بالنتيجة طالما أن المعركة واحدة بشكل أو بآخر فالتأثير سيكون متكاملاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وبالتالي في سورية الجبهات أثرت على بعضها، الشيء نفسه الآن جبهة أوكرانيا أيضاً ستؤثر على جبهة سورية والعكس صحيح.

وبشأن المواقف المتضاربة للنظام التركي تجاه روسيا بسبب أوكرانيا قالت الشبل: ما قامت به تركيا ليس تخبطاً أو ما قام به أردوغان هو العقل أو انعكاس للعقل الإخونجي المتطرف الذي يجاهر بشيء ويبطن شيئاً آخر يقول شيئاً ويفعل عكسه تماماً، تاريخياً منذ أن استلم أردوغان زمام تركيا والسياسة التركية هي البقاء قدم هنا وقدم هناك يعني في أي كفة نرجح نذهب بهذا الاتجاه.

وبينت الشبل: أن أزمة أوكرانيا أحرجت أردوغان لأنه اضطر مرتين للكشف عن وجهه الحقيقي مرة قبل ذلك عندما لم يقبل انضمام القرم إلى روسيا والمرة الثانية الآن عندما أدان العمليات العسكرية وخلال المرتين كان ينفذ أوامر سيده الأمريكي كي لا نتوقع أن أردوغان يأخذ قرارات ومواقف وفي كل الأحوال تركيا عضو في حلف الناتو وفي الوقت نفسه عقل اخواني يديرها فكيف لها أن تكون صديقة أو حليفة أو قريبة من روسيا، قطعاً لن تكون.

وبشأن انعكاس الأزمة في أوكرانيا على الوجود الأمريكي في سورية قالت الشبل: حقيقة حتى الآن ليس هناك رابط واضح مباشر أراه بين القضيتين أمريكا موجودة في سورية لدعم تنظيم “داعش” الإرهابي وحمايته ودعم الإرهاب وحمايته وطالما أن الإرهاب موجود ويقوم بوظيفته بشكل جيد فأمريكا موجودة.

ورداً على سؤال حول كيف تقرأ سورية امتناع الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن بشأن أزمة أوكرانيا قالت الشبل: منذ ثلاثة عقود حصل في المنطقة العربية تحولات أو أحداث كبرى والعديد من الدول استفادت من هذه الدروس بأنه لا يمكن أن تكون طوال الوقت مع حليف واحد وعلى الأقل لا يمكن الثقة بالغرب بشكل أولي والدول الصغرى بحاجة دائماً إلى التوازنات وإلى علاقات متوازنة مع أكثر من جهة كي تستطيع حماية نفسها والحفاظ على أمنها وبالتالي أتوقع أن ما يجري الآن قد يكون ضمن هذا السياق.

وأضافت: في أخر ثلاثة عقود نحن كنا تحت سيطرة قطب واحد وبالتالي أريد أن أسال الأن: هل خلال ثلاثة عقود كان العالم أكثر أمناً واستقراراً وجمالاً؟ هل كانت الدول التي تتحدث عن الجنة الغربية رأت أن العالم تحول إلى هذه الجنة الغربية أم تحول إلى جهنم سياسي؟ وبالتالي اعتقد أن أغلب دول العالم الأن تبحث أو تتطلع إلى عالم متعدد الأقطاب.

وأوضحت الشبل أن أزمة أوكرانيا لا شك أنها خطوة مهمة بهذا الاتجاه، مهمة جداً، علينا أن نعرف أن الغرب لن يستسلم ولن يقبل هذا، الهيستيريا التي تسمعينها الأن من الغرب ليست من أجل عيون أوكرانيا ولا من أجل عيون السياسات الأوكرانية هي من أجل بقاء القطب الواحد والسياسات الغربية المهيمنة على العالم وعدم التخلي عن ذلك وبالتالي المعركة اليوم هي معركة أمن قومي لكل الدول التي ترفض الهيمنة والخضوع وبالتالي التوقع بأنه لا مجال إلا لأن نقف في وجه هذه الهيمنة ونسعى جميعاً لعالم متعدد الأقطاب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار