شكلت الأغنية الفراتية خلال الأعوام التي غنّيت فيها وسيلة تهذيبية في حياة أبناء الفرات، لكون الأغنية الفراتية تصور ما يدور من أحداث في حياة الشعب وتفصح عن طريقة معيشته وتفكيره إنها لغة عواطفه ومشاعره.
تعتبر الأغنية الفراتية أنغاماً حافلة بالمشاعر والصور والألوان، وتتدفق في حياة الشعب تدفق الفرات” في مجراه الدائم، فهم لا يغنون من أجل الغناء، ولا لأن الصوت جميل , إنما يغنون لكي يزيحوا عن كواهلهم وعن قلوبهم الهموم
اللاَّله (اللاَّلا):
يُعد غناء اللاَّله من أكثر الألوان الغنائية الشعبية المتداولة في دير الزور، ويحمل عدّة معانٍ، أهمها التعبير عن الحالة التي يعيشها الناس ببساطة وسهولة وصدق، الأمر الذي جعله مستلطفاً لديهم؛ ويغنّى اللاّله بمصاحبة المزمار أو الربابة، ويتكون مقطعه الغنائي من بيتين (أربع شطرات)، تأتي الشطرة الأول والثانية في قافية واحدة، في حين تتحد الشطرتين الثالثة والرابعة في قافية
أخرى مختلفة عنها في البيت الأول، والنموذج التالي يوضح ذلك:
يَمْ الثِّويبَ الأَحْمَر مِعجِبنِي طَرزُهْ وْلُونُه قَلْبِي عَلِيكْ لاَهِب نَارْ قَلبَك عَلَيَ اْشلُونُه
يَا هْمُومْ قَلبي كِثْرِن كُل يُومَ اْشْكيلِكْ حَالِي وَالعِلَّه صَارَت عِلِتينْ مِن يُومِ فراقِ الغَالي
إشْرِبِتْ مَيْةَ الفُراتِ خَابُورْ مَا يِرْوِينِي آشُوفْ حَالِي وَجْعَان اتَاريْ الهَوى رامِيْنِي
قَلْبِي بِلون الدَلَّه وبْلُوُنْ عِشْبَ الحَاوِي عَقْلِي شَرَدْ بِيْن اْثْنِينْ مَدْرِي عَلَى مِنْ هَاوي
وهناك لون فراتي وهو المايا:
يقصد بالمايا المرأة التي تعيش على ضفاف نهر الفرات، وقد اختص هذا اللون الغنائي بوصف جمال هذه المرأة وجميع النماذج الغنائية الخاصة بهذا اللون تأتي في لحن واحد في مقام العجم، وأبياتها تبدأ بمطلع موحّد ينتهي بكلمة “مايا”، ونصف هذا المطلع هو:
عالمايا عالمايا عالعين يا ملايا
يا بنية بالله اسقيني عطشان اسقيني مايا”،
أما المقاطع الأخرى التي تعقب المطلع، فنجد أن كل مقطع غنائي منها يُنظم في بيتين من الشعر (أربع شطرات)، تأتي الثلاث الأولى منها في قافية واحدة تنتهي دائماً
بالحرفين (ها)، في حين تنتهي الشطرة الأربعة دائماً بالحرفين
(يا)، ليعاد بعد ذلك غناء المطلع المذكور آنفاً؛ والنموذج التالي
يوضح ذلك:
عَ المايَا عَ المَايَا عَ العِيْنْ يَا مَلاَّيَا
يَا بنَيَّة بَالله اسْقِينِي عَطْشَانِ اسْقِيني مَايَا
*
يَا ويْل ويلي عْيِونْهَا عْيِونَ المَهَا يَا عْيِونْهَا
وانْ ذَبَّلَتْ لِيْ جْفُونْهَا تِدَغْدِغ لِيْ الحَنَايَا
عَ المايَا عَ المَايَا عَ العِيْنْ يَا مَلاَّيَا
*
يَا ويلْ ويْلِي طُولْها رُمْحَ الرِّدِينِي طُولْهَا
واللِّي يْحَاوِل يْطُولْهَا لَذَوِقُه المَنَايَا
عَ المايَا عَ المَايَا عَ العِيْنْ يَا مَلاَّيَا
اسماعيل النجم