في الوقت الذي تواصل فيه العاصفة الثلجية إهداء العديد من المناطق السورية الثوب الأبيض الجميل، وخاصة في وسط البلاد وجنوبها، هبت أمس عاصفة غبارية على المنطقة الجنوبية من محافظة الحسكة في منطقتي مركدا والشدادي والقرى التابعة لهما، ما جعل المنطقة برمتها ترتدي الثوب الأصفر المائل إلى الحُـمـرة.
وذكر معاون مدير الزراعة المهندس علي الخلوف لـ «تشرين» أن هذه الظاهرة تسمى محلياً العجاج، وهي تحصل في كل عام مع نهاية موسم الأمطار في فصل الشتاء، لكنها حصلت هذه المرة في وقت مبكر نسبياً متسببة بإثارة الكثير من الأتربة والغبار، بسبب قلة الهاطل المطري على المنطقة الجنوبية من المحافظة خلال الموسم الحالي، الأمر الذي أدى إلى جفاف التربة وخلخلتها وإصابتها بالجفاف القريب من التصحر، حيث بلغت كمية الأمطار الهاطلة هذا الموسم حتى الآن على منطقة الشدادي 67.5 مم وعلى منطقة العريشة 57.5 مم وعلى منطقة مركدا 58 مم فقط، في حين تجاوزت الأمطار ضعف هذه الكميات الموسم الماضي في المناطق نفسها.
وتوقع المهندس خلوف أن تمتد العاصفة إلى مناطق أخرى من المحافظة كمنطقة الحسكة، ومن ثم تواصل طريقها نحو الحدود العراقية شرقاً، مبيناً أن سبب هذه العاصفة هو تمركز منخفض جوي سطحي غير ماطر وسط الأراضي السورية، تزامناً مع نشاطٍ لافت للرياح السطحية فوق البادية السورية.
من جانبه حذّر مدير الصحة في الحسكة الدكتور عيسى خلف من الأضرار والمشكلات التنفسية التي من المحتمل أن تواجه الأطفال والنساء وكبار السن على وجه التحديد من جراء العاصفة الغبارية، ناصحاً السكان بالتزام المنازل وفي حال الاضطرار للخروج منها لابد من ارتداء الكمامات. مؤكداً جاهزية جميع المؤسسات الصحية الحكومية في المحافظة لاستقبال حالات الاختناق والربو التحسسي وتوافر كل الأدوية والمستلزمات الضرورية لمعالجة هذه الحالات، كما أن المؤسسات الصحية الحكومية جاهزة وعلى أتم الاستعداد لمعالجة حتى التداعيات الصحية للعاصفة الغبارية على سكان المنطقة على المدى البعيد، فرغم أن التأثيرات الصحية السريعة والمباشرة لعواصف الغبار الرملية مرتبطة بارتفاع تفاقم أعراض أمراض الرئة المزمنة وأمراض الرئة المفاجئة الحادة، وخصوصاً لدى مرضى الربو Asthma ومرضى التهابات الرئة ومرضى السداد المزمن في مجاري التنفس COPD، فإن تداعيات تلك العواصف من الغبار الرملي تتجاوز يوم حصول العاصفة لتظهر لاحقاً في الأيام التالية على هيئة ارتفاع الإصابات بعدوى الأمراض الميكروبية، كما أنها تتجاوز موضوع الجهاز التنفسي لتطول جهاز القلب والأوعية الدموية Circulatory System عبر ارتفاع الإصابات بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية واضطرابات إيقاع النبض.
لذا فإن النظرة الطبية إلى الوقاية من الآثار الصحية للتعرض لعواصف الغبار الرملية لا تشمل وقاية مرضى الجهاز التنفسي ولا تقتصر على يوم العاصفة، بل تتجاوزها إلى حالات مرضية أخرى ولمدة تتجاوز وقت حصول العاصفة.
وقال مصدر في شركة الكهرباء: إن العاصفة الرملية التي ضربت ريف الحسكة الجنوبي تسببت بتعطل إحدى العنفات الثلاث في محطة الجبسة الغازية لإنتاج الطاقة الكهربائية، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن منطقتي الشدادي ومركدا وقراهما، والتي كانت تحصل سابقاً على التغذية الكهربائية من الشبكة الخاصة بمدينة الحسكة.
وأكد المصدر أن الورشات الفنية تعمل على إصلاح العطل وإعادة تشغيل المحطة، التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 30 ميغا واط/ ساعي، وتعتمد بإنتاج الكهرباء على حقول الغاز المنتج من معمل غاز الجبسة، وقد ساهم تشغيلها بتخفيف الحمولة عن الخطوط المغذية لمدينة الحسكة، حيث شهدت المدينة ارتفاعاً في عدد ساعات التغذية الكهربائية من سبع ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة يومياً.
المصدر – تشرين