تمتلك الحضور والكلمة وتذهب بعمق حبها للفرات حيث ترتاح أسارير قلبها , وما بين حلاوة الكلمة وطلاوتها تذهب سطورها وتحط مشاعرها.
صبا بعاج شاعرة من مدينة الفرات ترسم لوحاتها الشعرية بصدى روحها لتنطلق مغردة على عرائش الياسمين الدمشقي حيث تسكن لترتل الشعر والكتابة وهي تصل الفرات ببردى.
الفرات التقت الشاعرة صبا بعاج وكان الحوار التالي :
- مامدى ارتباط صبا بعاج بالفرات والى أي مدى يكون حاضرا في كلماتها ؟ الفرات بدمي يجر والجسر المعلق وتيني، أعتقد أن من تربى في أحضان الفرات وكان سقياه من هذا النهر العظيم منذ صغره .. لابد وأن يكون شعره فراتاً، ولأني أحس كل شعري ماء.. إذاً فالفرات ينساب من كل حرف أكتبه مهما كان نوع القصيدة وموضوعها، و ربما هنا لا داعي لأن تسأل الشق الثاني من السؤال لعاشقة عن معشوقها الأزلي لأنه يسكن خلاياها قبل قصائدها.
- عمّ تكتب صبا و أي الموضوعات والأمور هي التي تتناولينها في كتاباتكِ؟
- صبا تكتب التنوع .. لا تقف عند موضوع معين .. وتذهب إلى المواضيع التي لم يتم التطرق لها من قبل أنثى سابقا .. مثلا كتبت عدة قصائد عن تعنيف المرأة في المجتمع الشرقي، عن زواج القاصرات، إدانة المرأة دائما والتعامل معها على أنها وصمة عار، أنها سبب الاغتصاب مثلا وإثارة الرجل .. التفريق بين الأنثى والذكر في مجتمعاتنا وامتيازاته التي يحظى بها.. كتبت عن الإرادة ،حب التملك، الغيرة، سوء الظن، ظواهر وبواطن الأشياء بين ما تبدو عليه وما هي عليه أساسا .. الكثير من المواضيع، كما أني تناولت المواضيع الجوهرية كالغزل، الوطن، الطفولة، الشعر، دمشق، فلسطين، الحرب على سورية والأزمة ومخلفاتها، المشاعر الإنسانية على اختلافها، لكن للفرات الحصة الأجمل والأغنى وللدير التي كانت ولا زالت تحتويني بقصائدي كلما حاولت احتواءها.
- تكتبين في الشعر النثري الحديث ، فما هي نظرتك إلى للشعر الكلاسيكي التقليدي ؟
- في الواقع أنا لا أكتب النثر الحديث وحسب ،لا بل أن النثر هو آخر ما تطرقت إليه في كتاباتي ، فقد بدأت بكتابة الشعر الكلاسيكي لأن الأوزان الخليلية برأيي هي أساس الشعر وجوهره والشعر الذي يخلو من الموسيقا ليس شعراً .. ثم خرجت من الكلاسيكي إلى الابتكار و كسر الصور التقليدية والبحث دوما عما هو مدهش بإطلاق يد الخيال والتخييل لتغطي روح وتقنية القصيدة وبالتالي التجديد في الكلاسيكية.. وهذا ما دعاني طائعة للتحليق بسماء قصيدة التفعيلة التي تمتلك مفاتيح السحر والحداثة، بالإضافة إلى أني أكتب الشعر المحكي والزجل .. واللون الفراتي الأقرب إلى روحي حيث يناديني القصيد، توشوشني الأبوذية، تجرحني العتابا وتداويني الموليا .. وأخيرا وليس آخرا .. تدندن روحي الشعر الغنائي فلا أمنعها بل أتركها تعيش الكلمة كيفما تقطرت من شقائقها.
- هل لك محاولات أخرى غير الشعر كالقصَّة والرواية أو النقد؟
- بالتأكيد.. للأطفال رصيد لا بأس به من نتاجي الأدبي إذ أنني سبحت بعالم البراءة ولا أنوي الخروج منه أبدا.. أكتب قصص الأطفال باستمتاع كبير و قصص الكبار أيضا، وبحكم عملي بدائرة المسرح .. فأنا أكتب المسرح وفي رصيدي حتى الآن ٤ مسرحيات ما بين الصغار والكبار، إضافة إلى عدد من المقالات البحثية والمتنوعة وبعض المتفرقات ومحاولات في السيناريو.
- ماذا في رصيد صبا من نتاج أدبي مطبوع ؟
- عندما كان الشاعر عبد الناصر الحمد رحمه الله على قيد الحياة والشعر وهو الأب والأخ الناصح .. كان يدعوني دوما إلى التروّي في الطباعة ، وأنا اليوم لست نادمة أبدا على أنني سمعت النصيحة رغم وجود ثلاث مجموعات مختلفة ما بين الفصحى والزجل والشعبي الفراتي بين يدي.. الأجمل قريب إن شاء الله .
- ما هو الشعر والأدب الجيد وما هو الشعر والأدب الرديء في نظركِ ومفاهيمِكِ.. كيف تعرِّفين وتقيِّمين هذا وذاك؟؟
- لا أخفيك أننا في الوسط الأدبي اليوم أننا نعاني معاناة كبيرة بوجود وسائل التواصل الاجتماعي إذ جعلت الكثير من “اللاشعراء” أعلام الشعر والأدب.. رغم أن الخبير والناقد والشاعر الحقيقي يميز بسهولة الشعر الجيد عن الغث والرديء، الشعر الجيد له مقوماته المعروفة من اللفظ إلى المعنى والتراكيب ومقاربتها لموضوع القصيدة ومواءمتها للإيقاع ومنها إلى اختيار البحر المناسبة والقافية المناسبة للغرض إذا كان موزونا.. واعتماد التكثيف والموسيقا الداخلية للنص إذا كان نثرا .. والابتكار في الصورة والاستعارة والتشابيه .. والأهم من ذلك انسيابية القصيدة وعدم التنافر والخلو من الأخطاء الشائعة الإملائية منها والتركيبية ..إلخ ، أما الرديء فهو ما يناقض ما ذكر سابقا ..كله أو جزءا منه ويذهب إلى عيوب التنافر والابتذال وكسر الوزن …إلخ
- رأيكِ في مستوى الشعر والأدب والنقد المحلي ورأيك الصريح في ذلك مع وجود موجات كثيرة من الشعراء لا يستحقون هذه التسمية ؟؟ إذا كنا نعيش اليوم موجة من الانحدار على المستوى الأخلاقي فقد طال هذا الانحدار الشعر أيضا .. ظهر في هذه الموجة أكثر من شويعر من الجنسين شوهوا اسم الشعر وأساؤوا له .. للأسف تحتال السطحية على العمق وضحالة المعنى على الجودة وضعف الألفاظ والتراكيب والصور وتدنيها على قوة ومتانة المبنى والمعنى، بالإضافة إلى تباين مستوى النقد والنقاد.. واتجاه البعض إلى مجاملة بعض الشعراء والابتعاد عن الموضوعية والنقد الجاد رغم عدم الشمولية.
- ماذا تود أن تقول صبا بعاج في نهاية اللقاء ؟
- أشكركم على هذه المداخلات والإضاءة الجميلة ..كان لقاءً غنياً .. وهذا ليس غريبا عنكم فأنتم منبر دير الزور والفرات الأول لكل أطياف الإبداع بجميع مجالاته .. وأنتم أهلي وعنقاء الدفء عندما ينصب البرد مقصلة زمانه.. شكرا لكم.
صبا بعاج في سطور :
– ولدت في دير الزور لعائلة تهتم بالعلم والثقافة والأدب والفن.
– درست كلية الأدب الإنكليزي ، ثم دراسات مسرحية ودورات فنون الإلقاء .
– عملت لفترة بالتدريس ثم اتجهت للعمل بدائرة المسرح /تأليف وتدريب.
– أسست فريق شعري للأطفال تحت اسم (أطفال أَشعَر) وهو أول فريق يعنى بإحياء عيون الشعر العربي و التراثي من الزجل إلى الشعبي السوري والعربي تعلم فيه أصول وفنون الإلقاء والخطابة بالإضافة إلى تعليم المهتمين من الأطفال أصول الكتابة والعروض.
– شاركت بالعديد من الأمسيات الشعرية والمهرجانات داخل دمشق وخارجها.
– نظمت العديد من الأمسيات والمهرجانات منها أماسي نبض الفرات في ثقافي “أبو رمانة” بدمشق التي تم فيها استضافة عدد كبير من شعراء الفرات كما نظمت مؤخرا مع الشاعر خالد الفرج بتكليف من وزيرة الثقافة مهرجان ثقافتي هويتي وتم اختيار التراث السوري أنموذجاً.
– لها ثلاث مجموعات شعرية قيد التنضيد والتحضير للطباعة.
– في رصيدها ٤ مسرحيات وعدة قصص للأطفال و الكبار يذكر منها:
مسرحية: عربي موتّس /أطفال
مسرحية: تقاسيم من روح ونوس/ كبار ..التي تم تقديمها في يوم المسرح العالمي .
قصص: ليلى وألوانها السحرية، كيف طار علاء؟…
حوار: خالد جمعة