تعتمد نظرة الناقد الدكتور عبد الله الشاهر فيما يخص النقد الأدبي على أنه عمل إبداعي لا توصيفي لأنه يسبر أغوار المنتج الإبداعي ما يتطلب برأيه أن يكون الناقد ممتلكا لأرضية ثقافية واسعة ورؤية منهجية وحالة إبداعية.
ويؤكد الشاهر في حديث مع سانا الثقافية أن النقد حالة علمية يجب أن يطبق أسساً علمية صرفة حتى يعطي للنص حقه معتبراً أن أكبر خطأ يقع فيه الناقد عندما يعتمد على علاقاته في تقييم الأدب ما يخرج عمله من دائرة النقد.
ويلفت الشاهر إلى أن النص الأدبي يحتمل قراءات عدة تبعاً للقارئ إلا أن قيمته متساوية ويجب ألا تغفل عنها بصيرة النقاد مهما اختلفت رؤاهم.
وحول التناقض الذي نلمسه أحياناً بين رأي النقاد وميل الجمهور يرى الشاهر أن الجماهير عادة تكون مأخوذة بالغنائية والنظمية والخطابية وهذا لا يؤسس لحالة ابداعية متمكنة في الصورة والرؤية فعندما يحظى نص بالقبول جماهيرياً بسبب الإيقاع والخطابية يكون هذا القبول لحظياً وانفعالياً بينما العمق في فهم الصورة يأتي من الوعي.
وحول واقع حركة النقد يجد الدكتور الشاهر أن العرب ما زالوا يتكئون على النظريات الغربية النقدية وسط غياب نظرية نقدية عربية تمس جوانبنا النفسية والاجتماعية والمعيشية مشيراً إلى وجود محاولات وهوامش نظرية ترافقت مع ظهور اتجاهات شعرية جديدة في الحداثة في الخمسينيات بهدف إعادة النظر في قراءة نتاجات تمردت على القافية دون أن يتشكل عنها منتج نقدي خاص بالعرب.
ويؤمن الشاهر بأن لكل مرحلة أدبية منظومتها المعرفية وأن الحداثة الشعرية موجودة في كل عصر لذلك من الطبيعي أن تؤثر التكنولوجيا والمفردات الحضارية في زمننا بالمنجز المعرفي فظهرت أشكال جديدة مثل الأدب الوجيز وشعر التوقيعة وهي ومضات لا ترق إلى مستوى القصيدة ولكنها موازية لعصر السرعة.
وحول غلبة الإيجاز على المنتج الأدبي الحالي يعتبر الشاهر أن الأجدى أن يكون الإيجاز في الفكرة لا في النص بحيث نحكي عن المقصود بأقل عدد من المفردات مع الإحاطة بكامل المعنى واختزال المعاني ببضع مفردات وشحنة عاطفية قادرة أن نوصلها إلى المتلقي دون أن يكون هناك حشو ولا ترهل.
ورغم تفضيله للعمق في النص الأدبي بدلاً من المباشرة إلا أنه يتوقف عند بعض رموز الشعر الذين لجؤوا للمباشرة مثل مظفر النواب مشيراً إلى أن المباشرة تمثل حالة خاصة الهدف منها تحريك مشاعر الناس وتوظيف المفردات توظيفاً سيكولوجيا مدروساً.
ويتوقف الشاهر حول إصداراته البحثية التي استعاد عبرها ظواهر تاريخية وأدبية قديمة وحديثة ومنها البعد الاجتماعي للحب العذري الذي تضمن دراسة لظاهرة هذا النوع من العشق من ناحية اجتماعية ونفسية وفلسفية وكتابه (الاتجاهات الفكرية والسياسية في الوطن العربي) ويبحث في تكوين الأحزاب عبر مناهج سياسية معينة و(مظفر النواب ملامح ومميزات) الذي خص به هذا الشاعر العراقي وتجربته في الشعر السياسي وشفافيته العالية وإلقاءه الفريد.
وهناك أيضاً كتاب (الصورة الشعرية توفيق أحمد نموذجاً) الذي تطرق خلاله الشاهر للصور الجميلة في شعر أحمد وتوظيفه لها كما يستعد حالياً لإصدار كتابه (قراءة نقدية في القصة والرواية السورية) لمجموعة من الكتاب السوريين في الرواية والقصة.
والدكتور عبد الله الشاهر من مواليد مدينة الميادين يحمل إجازة في علم الاجتماع من جامعة دمشق ودرجتي ماجستير ودكتوراه من الجامعة الدولية الأمريكية في القاهرة وهو عضو في جمعية البحوث والدراسات باتحاد الكتاب العرب صدر له عدد من كتب الدراسات والنقد إضافة إلى مجموعتين شعريتين.