– بلا عنوان !
ومضيت لكن فضوله جعله يتبعني ليقول : .دائماً تذكر في كتاباتك غرفتي، واليوم تجيب بلا عنوان.
بماذا أجيبه؟ !
وأي جواب سيكون ملائما لمستوى تفكيره الذي جعله يسأل هكذا سؤال!
لا يعني أن أذكر تلك الغرفة بحيطانها وسقفها أن يكون لها عنوان محدد.
انا من وضعت لها كينونتها وجعلت منها مقصدا.
جعلت منها مزار أم كلثوم ونجاة وفيروز
في الصباح تتهادى عند نافذتها عرائش الياسمين بإطلالة الفرات وهو مازال يجري فينا كما يجري في تاريخنا.
تستضيف في فراغها نجيب ونزار والمتنبي
ابن رشد وابن سينا وديكارت وهوغو والجاحظ وابن خلدون.
ذهبت إلى صومعة حنا مينا وإلى أجواء عبد الرحمن منيف إلى روايات نجيب محفوظ وقصص إحسان عبد القدوس
أذهب إليهم .. إلى تاريخهم لتجمع أوراقهم
ذهبت إلى يوميات ألف ليلة وليلة وعشت تفاصيلها ، استمعت إلى موسيقا نينوى بقيثارة أورنينا ، حضرت حفل زفاف أنطونيو وكليوباترا، عدوت الصحراء طريدا مع الصعاليك ومغامرا مع الزير سالم ، عملت ساعي بريد لجبران ونزار والتقيت شوقي وحافظ إبراهيم عند أم كلثوم .
هي غرفة انا من اسكنها وليست من تسكنني
أنا من جعلت لها كينونة وتعريفا
تذهب بي إلى حيث صفاء الصداقة لتستقر في ربوعهم
تذهب إلى حيث تلك الشرفة لتستنشق عطر الهوى
عندما أقول لك عنوان فإني وثقت مكانا وأرضا
وثقت تعريفا وتسجيلا لعقار
بينما أنا من جعلت لها تعريفا ودلالة
لتكون عنوانا للتاريخ سكنته وعشته
هي تلك غرفتي
لم أسع يوما ان أمهر اسمي على بابها كما هو معتاد
بل أصبحت بعدما ضمت محتواي ذات اسم ودلالة
هكذا انظر إلى العنوان
فهل أدركت معنى كلامي.
انصرف ولم ينطق ببنت شفه وعلامات عدم فهم معنى ما أقصد تلازم محياه
ربما لم يكن علي أن أجيبه وأتركه يحلل ويفسر على ماتستجمع مدركاته
ربما لم يكن علي أن أقول له كل ذلك.
رقم العدد:4628