فلاحو سورية بعرقهم سقوا قمحهم فأثمر خيراً وعطاء

سنابل ملؤها الخير والشموخ وبريق بلون الذهب يروي قصص من زرع وحصد بالجد والعرق في بيادر القمح التي تموج اليوم بالبهجة والعمل مع بدء وقت حصاده مطلع الصيف كأحد أهم المحاصيل الاستراتيجية لتأمين قوت السوريين ورغيف خبزهم.

تحت حرارة الشمس القاسية ورغم المجهود البدني الكبير المبذول تمتزج ضحكات الفلاحين بسنابل الذهب الأصفر وتغمر الفرحة وجوههم غير مبالين بالعمل الشاق والمجهود الذي يبذلونه.

تلك الصورة بدت واضحة في بلدة الديرخبية التابعة لناحية الكسوة بريف دمشق حيث يجتمع الرجال والنساء والأطفال بموسم حصاد القمح الذي ظل على عرش المحاصيل لآلاف السنين وسط أجواء مفعمة بالتعاون والمحبة والألفة حيث الحقول والفلاحون البسطاء ومساحة لا بأس بها من البهجة.

السعادة التي تحيط بالفلاحين والتي وثقتها كاميرا سانا خلال جولتها في حقول البلدة ازالت التعب المبذول في زراعة المحصول على مدار العام ورغم إجراءات التصدي لفيروس كورونا الذي غير حياة العالم إلا أن المزارع السوري واصل مسيرته وخرج للحصاد ووصل الليل بالنهار لجمع المحصول بشتى الطرق يدوية كانت أم حديثة.

ومع انطلاق صفارة الحصاد يسارع ابراهيم محمود الخطى منذ ساعات الصباح الباكر إلى الحقول ليحصد أعوادا وراء أخرى ناشرا أجواء الفرح التي يتميز بها موسم الحصاد منطلقا في نزهته هذه من حماة مكان اقامته باتجاه دمشق ودرعا وأغلب المحافظات السورية قائلا.. “يأتي موسم حصاد القمح في مطلع كل صيف حاملا معه بشائر الفرح والعطاء والخير حيث تجتمع الأسرة بشيوخها ورجالها ونسائها وحتى صغارها فرحين بموسم الحصاد مجتمعين بحقل القمح لمساعدة بعضهم بعضا”.

إبراهيم وهو سائق حصادة لأكثر من 14 عاما تحدث لنا عن حصادته الحديثة التي تم تأمينها مؤخرا لسورية وهي آلة تفصل حبات القمح عن القش الذي تحوله الى مادة التبن مؤكدا أن مهنته لها نكهة خاصة فهي متوارثة عن والده منذ الصغر.

سنابل القمح الذهبية كانت وما زالت ينابيع الخير ومصدر رزق لكثير من العائلات الريفية فمن خيراتها يتم تأمين احتياجاتهم الحياتية ويغطون مصاريفهم وكل مستلزماتهم بحسب رئيس جمعية الديرخبية محمد الشيلاوي موضحا أن فلاحي سورية مستمرون في الزراعة والانتاج لتأمين احتياجات المواطنين وتوفير مقومات الحياة وتعزيز الاقتصاد الوطني وسيبذلون جهودا مضاعفة في سبيل تأمين الخضار والمنتجات الزراعية للسوق المحلية في ظل الظروف الراهنة.

ويبدأ موسم الحصاد عادة خلال شهر أيار من كل عام حيث تنضج حبات القمح والشعير بعد اصفرار سنابلها فيحصدها المزارعون إما بالحصادات الآلية او بالمناجل اليدوية ويساعدهم آخرون في جمع السنابل المحصودة وهو ما يعرف بعملية الغمار حيث يعملون على تكديسها على شكل تلال صغيرة ليتم نقلها إلى البيادر ومن ثم درسها بالدراسات الآلية التي تعمل على فرز مادتي القمح والشعير عن مادة التبن.

وعلى الرغم من أنه لم يبق للمنجل اليدوي مكان بين الآلات المتطورة التي توفر على المزارعين وقتهم وجهدهم لكن بالمقابل لا تخلو بعض الحقول ممن ما زالت تنساب من بين ذكرياته الملامح الجميلة لهذا الموسم بحسب الفلاحة مريم ابراهيم مؤكدة أنها تستخدم المنجل في حصد سنابل القمح كونها أفضل وأنظف طريقة لحصد المحصول في حين يؤكد وليد الشمالي أنه ورغم العناء الذي يتخلل عملية الحصاد بالمنجل إلا أنها تبقى آلة الأجداد التي استخدموها لسنوات طويلة.

موسم الحصاد هو صورة وأحد طقوس الفلاحين الذين لم يتوانوا عن حمل السلاح يوما ما للدفاع عن بلادهم وأرضهم وحصادهم بنفس اليد التي حملت المنجل دون كلل وملل ما عكس قوتهم الجسدية وصفاء ذهنهم لغاية الآن لأنهم لم يكن لديهم هم سوى بذر القمح وانتظاره ليصار الى حصاده وجمعه لكي تعتاش منه أجيال متعاقبة ويؤءمن احتياجات سورية ومواجهة الإجراءات القسرية الجائرة التي يفرضها عدد من الدول الغربية على سورية بحسب عضو المكتب التنفيذي في اتحاد فلاحي دمشق عبد الإله طرشان.

رئيس الجمعية الفلاحية في حوش العباسة التابعة لمدينة زاكية بريف دمشق عمر الوغا وصف موسم العام الحالي بأنه يبشر بالخير والإنتاج الوفير ورغم ما يواجهه الفلاحون من صعوبات تقف عائقا في وجه عملهم وتزيد من تكاليف الإنتاج إلا أن إصرارهم على الإنتاج أقوى من هذه الصعوبات.

في حين أكد أمين سر الجمعية ابراهيم الوغا أن حصاد الحقول في ظل الظروف الراهنة يمثل تحديا صارخا في وجه الحرب الاقتصادية والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية ولإرسال رسالة للعالم أجمع بأن بلدنا قادر على الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي معبرا عن إصراره على الزراعة والحصاد وتأمين حياة كريمة لأسرته.

رئيس رابطة فلاحي دمشق ناصر الهبود بين أن هناك جولات ميدانية يومية على حقول القمح لمتابعة عملية الحصاد والاطلاع على مستلزمات الفلاحين خلال فترة الحصاد والعمل على تأمين كل متطلباته.

رقم العدد:4620

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار