الفرات – خالد جمعة
يدرك أسامة حمود على أي أرض شاعرة مكانه ليبني بيته من قصائده المفعمة بالحب والحنين والوطن والفرات وتلك الوحدانيات التي تمتلك شاعريته فيفضي مايجول في خاطره لينطلق تارة للوطن يعشق حياته وذراه وشقائق النعمان وتارة أخرى يغفو عند الفرات ليستفيق مع الشفق يناجيه ويبثه شوقه وتارة ثالثة يرد نبع الماء ليملأ قربة حبيبته.
هو الحمود ولج معالم الشعر بموهبته المتقدة فلزم القافية وبحور الفراهيدي بالوقت الذي جدد بالصيغة والمعنى ليؤسس بناء قصائده بحداثة رؤيته لتكون مدماكا ترسخ شاعريته حيث عمل على تأسيسه بثلاث أساسات صلبة ( ضفائر بوح – على أكف الياسمين – قيثارة الصدى ) بها شيد بنائه مضمنا إياها شعره لتكون بصمته على جدران الشعر العربي.
عندما يتعامل الحمود مع قصائده يعطيها أولا شاعريته لتتناسب مع بوحه الجميل بالإضافة إلى بحثه عن رؤية معاصرة يجدد فيها مضمون القصيدة في محتواها كلمة ومعنى ليترك المبنى لبحور الشعر تضبط تفعيلاته وقافيته من خلال تجربة شعرية استطاع من خلالها أن يوفر كل عوامل النجاح وذلك انعكاسا لثقافته وإدراكه وبعد رؤيته لتتفجر تجربته بينابيع العاطفة وهي تلتقي مع جريان وجدانه ليرتقي بموضوعاته التي حملت أبعادا إنسانية رحبة ، فتجربته متفردة طليقة متحررة من أي حد سوى من قيود الفراهيدي التي مازال يصر عليها دون أن يطأ غيرها.
لاتتوقف قصائده عند حد معين بل تذهب إلى أجواء مشحونة بالحنين والحب والحرية التي لاتتوقف عند إشارات بل تتعداها لتصل آفاقا غير مألوفة محققاً الشمولية في المعنى والغرض.
فما تتضمنه قصائده من الدهشة ونزعة في الانطلاق ليصب شواطئها وضفافها بموضوعية بدقة بلغة شفيفة تجعله يتماهى مع قصائده ليكون هي وتكون هو.
هكذا قرأت شاعرية أسامة الحمود
مختارات من قصائده :
تَبَسَّمِي
——–
أنبِئ قَرِينَ البَدرِ أنِّي مُغرَمُ
أنِّي بعَفوٍ سابِغٍ أتوسَّمُ
بالوَردِ جِئتُكِ فاقبلِيهِ هدِيَّةً
فالعِطرُ يُعرِضُ مُذ غَدَوتِ ويُحجِمُ
لا، لا ألومُ العِطــــرَ، حالِي حالُهُ
والحالُ عن حالٍ لهُ يتبَرَّمُ
مَن لي سواكِ؟ فلا يُخادِعكِ الجَفا
كلُّ الجِنانِ إذا سَلوتِ جَهنَّمُ
كيفَ الخَليلُ يُسَرُّ دونَ خلِيلهِ
بل كيفَ دونَ وِصالِهِ يتَنعَّمُ
فلتخلعِي أثوابَ بَينٍ، أقبِلي
وذَري الفؤادَ بِخِلِّهِ يتَهَيَّمُ
وهَبِي العِناقَ المُشتهَى أسرَارَهُ
لِيظـــــلَّ فيما لم نَقُلْ يترَنَّمُ
قُل للملِيحة
…
قُل للمَليحَةِ شابَ شَعري في الهَوى
فعَلامَ تُغرينِي بِشَعرٍ أسوَدِ
وعلامَ ألوانَ الطَّبيعةِ كلَّها
جَرَّبتِها في وجهِكِ المُتوَقِّدِ
ما لم يكُن أصلُ الجَمالِ بِخِلقَةٍ
لا لن يُعَوِّضكِ اصطِناعُ تَوَرُّدِ
فِرَقُ الأنام
بالقِسطِ يُفرَقُ في الخِصالِ أنامُ
والوِدُّ تُظهِرُ صِدقهُ الأيّام
لا يَرجَحُ التَّأويلُ إن بَزَغَ الضِّيا
للحَقِّ ألسِنَةُ الوَرَى أقلامُ
خِلَّانُكَ المَوثُوقُ عَهدُ وَفائِهِم
صِنفانِ: نورٌ يُهتَدَى، وظَلامُ
مِنهُم، إذا غَدَرَ الزَّمانُ لَقِيتَهُ
طَـــوداً يُظـــلِّلُ راحَتَيهِ غَمامُ
* أسامة الحمود
– من مواليد دير الزور
– إجازة في الهندسة الزراعية
– درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية
– عضو اتحاد الكتاب العرب – جمعية الشعر
– صدر له ثلاث مجموعات شعرية : ضفائر بوح – على أكف الياسمين – قيثارة الصدى. .
رقم العدد:4569