د. العويد محاضراً : العلمانية أسلوب في إدارة الدولة … والدين شكل من أشكال الوعي البشري

الفرات – عثمان الخلف

يطرح المفكر د . عدنان عويد في محاضرته ( العلمانية والإسلام ) التي ألقاها أمس في المركز الثقافي العربي بدير الزور العلمانية في سياقها العام فيراها طريقة أو أسلوب عمل أو منهجاً في إدارة آلية عمل الدولة والمجتمع ، يقوم هذا المنهج على الايمان والقناعة بأن من اشتغل على العلمانية من الحوامل الاجتماعية تاريخياً .. إن كانت قد جاءت من العلم أم من العالم فهي تؤكد وجود قوانين موضوعية تتحكم بآلية عمل الطبيعة بشكل عام والمجتمع بشكل خاص بكل مساماته وبشكل مفتوح على المطلق خارج إرادة أي سلطة كانت دينية أو وضعية ، وما على الناس إلا اكتشاف هذه القوانين والتحكم بها وتوظيفها لمصلحة هذا الإنسان نفسه. يضيف العويد : وبالتالي فالعلمانية وفق هذا المعطى هي منهج في التفكير والعمل يقوم على حرية الإنسان وقدراته في صنع حياته وإعادة تشكيلها وفقاً لمصالحه بناءً على طبيعة المرحلة التاريخية المعيشة ، ودرجة تطور بناها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. والعلمانية بحسب ” العويد ” وفق هذا المعطى ذاته هي صيغ قابلة للتطور والتبدل عبر التاريخ ، أي هي ليست صيغة واحدة كما يقرر بعض من اشتغل عليها أو انتقدها فكراً وممارسة وخاصة من بعض رجال الدين الذين يُكفرون ويزندقون دعاتها وأتباعها .

66373586_374895656549267_7201313824878624768_n.jpg

 

يتابع ” العويد ” في شق منظوره للدين فيراه في سياقه العام شكلاً من أشكال الوعي البشري، وهو محدد بمنظومة متسقة إلى حد من الرؤى والأفكار والتصورات والأمزجة والأفعال والطقوس والرموز ، منظومة تحمل تصوراً ميثولوجياً متعالياً على الواقع. وللدين جذور معرفية واجتماعية, ففي جذوره المعرفية تكمن إمكانية معرفة الواقع وتفسيره وفق هذه المنظومة الميثولوجية المتعالية أو المفارقة للواقع. وفي جذوره الاجتماعية تكمن إمكانية حل القضايا التي يعيشها المجتمع والتشريع لها انطلاقاً من هذه المنظومة ذاتها. ويشير ” العويد ” متسائلاً : إذا كانت العلمانية في أبسط صورها هي فصل الدين عن السياسة وتركها لشؤون الناس واختياراتهم كما تذكر الآية الكريمة: (وأمرهم شورى بينهم), سورة الشورى: آية 38. فهي أيضاً في سياقها العام فصل الدين عن مسارات التطبيق العملي للكثير من القضايا العلمية والحياتية في حياة الدولة والمجتمع انطلاقاً من قول الرسول الكريم في حديث تأبير النخل: (أمور دنياكم أنتم أدرى بها). ويبين ” العويد ” أن موقف العلمانية من الدين ينبع من موقفها المنهجي العقلاني النقدي القائم على التجربة البشرية التاريخية ، هذه التجربة التي تقر بوجود القوانين الموضوعية المستقلة في نشاطها أو آلية عملها ، وتحكّمها بآلية سيرورة وصيرورة الظواهر ، وهي ترفض ربط الدين بالسياسة أو الدولة ، أواعتبار – أي الدين – بأنه المنطلق المعرفي والسلوكي أو الوجودي للدولة مع إقرار الدولة العلمانية بأن مقاصد الدين الأساسية القائمة على العدالة والمساواة والتسامح والمحبة والحفاظ على حقوق الإنسان الطبيعية (حق الحياة وحق الدفاع عن الأرض والعرض, والاختلاف في العقيدة), هي جزء هام من مضمون العلمانية من جهة ، في الوقت الذي ترفض فيه هذه الدولة العلمانية أيضاً ربط حركة المجتمع بأية أيديولوجيا وضعية سكونية أو جمودية .. دينية كانت أم وضعية, فهي بحسب العويد تريد للواقع الاجتماعي بكل بناه أن يرتقي إليها دائماً لا العكس . و يلفت ” العويد ” إلى أن الدين جاء قبل كل شيء دعوة أخلاقية : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). هذا إضافة لكونه دعوة عقيدية بالحسنى . فالقرآن لم يكن كتاباً علمياً أو كتاب سياسة ، أو كتاباً يدعو إلى تقديسٍ للإنسان والأشخاص ، أو رافضاً للعقل والتمسك بالنقل ، أو تحكيم العاطفة والركون إلى التصورات المثالية والحدسية في تحليل آليات عمل الطبيعة والمجتمع . و ختم ” د. العويد ” محاضرته موضحاً أن الإسلام لم يكن قمعاً للإرادة الإنسانية ، فالإنسان في ديننا الإسلامي هو خليفة الله على الأرض ، كلفه الله بهذه الخلافة كي يعمر هذه الأرض ويعمل الخير لدنياه وآخرته وفقاً لمقاصد الدين الإنسانية ووفقاً لظروف العصر التي انوجد فيها هذا الإنسان ، وهذه الخلافة لا تعطى لجاهل . حضر المحاضرة أمين فرع دير الزور لحزب البعث ساهر الحاج صكر و رئيس مكتب الإعداد بفرع الحزب فايز منديل ، ورئيس شعبة التوجيه السياسي العميد عمار كيلاني ، وحشد من المهتمين بالشأن الثقافي .

رقم العدد:4301

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار