لا يمكن لأي متابع للشأن العام في سورية أن يتجاهل التحوّل الواضح الذي طرأ على الهوية البصرية لسيارات وزارة الداخلية خلال العام، فمن كان يعتاد رؤية تلك المركبات القديمة، التي ارتبطت في أذهان الناس بسنوات طويلة من الجمود والافتقار إلى الحداثة، بات اليوم أمام مشهد مختلف تماماً، وأقرب في مظهرها إلى ما نراه في دول متقدمة في المنطقة.
المفارقة أن هذا التغيير ينعكس حتى في اللحظات الأكثر حساسية، فحتى المواطن الذي قد يكون مطلوباً لإجراء قانوني لا قدر الله أصبح يشعر بأن التعامل المقدم له يقوم على مبدأ الكرامة والاحترام، لا على الإيحاء بالترهيب أو الانتقاص. وهنا يكمن جوهر الفارق بين الماضي والحاضر، فالمركبة الأمنية لم تعد رمزاً للرهبة، بل أداة لتنظيم الحياة العامة، وتأدية واجب مؤسساتي لا شخصي، ضمن إطار قانوني واضح.
اللافت أيضاً أن هذا التحول لم يستغرق سنوات طويلة، بل جرى خلال فترة قياسية لم تتجاوز عاماً واحداً، وهذا الزمن القصير وحده يُعد مؤشراً على وجود إرادة تحديثية واضحة وقرار مؤسساتي يتجه نحو تطوير الصورة العامة للجهاز الأمني بما ينسجم مع متطلبات المرحلة، فعملية التغيير لم تقتصر على توريد سيارات جديدة، بل شملت تأسيس هوية بصرية متكاملة تُعيد بناء الثقة بين المواطن ورجل الشرطة.
ومن مقارنة إقليمية، لا يبدو من المبالغة القول إن الهوية الجديدة لسيارات الداخلية باتت تقترب في شكلها وتجهيزاتها من مثيلاتها في دول مثل السعودية والإمارات وقطر، حيث يُعد المظهر الاحترافي جزءاً من منظومة عمل أوسع تقوم على احترام المواطن وتعزيز الشعور بالأمان.
إن تحديث الهوية البصرية ليس مجرد خطوة تجميلية، بل رسالة سياسية واجتماعية مفادها أن المؤسسات قادرة على التطور والتجدد، وأن صورة الدولة تبدأ من التفاصيل الصغيرة التي يراها المواطن يومياً في الشارع، وفي هذه الخطوة، على بساطتها الظاهرية، كثيرٌ من المعاني التي تستحق التوقف عندها.
اسماعيل النجم